كان على القائد "أوليسس" أن يُبحر بسفينته ماراً بجزيرة يقطنها جماعة من اللصوص المحترفين الذين كانوا يطلق عليهم شياطين البحر، إذ كانوا يجتذبون السفن التى تمر بهم بأنغام موسيقاهم الساحرة، ثم يستولون على السفن ويأسرون من فيها.
فكر أوليسس أن يملأ آذان بحارته بالشمع حتى لا يستجيب هو ولا بحارته لغواية الأنغام الساحرة التى تأتى من الجزيرة حتى لا يقعوا أسرى لها ولكن فكرته لم تنفع. أما "أورفيوس" فكان أحكم وأذكى بكثير من أوليسس، إذ أنه عندما اضطر أن يمر بسفينته على تلك الجزيرة باحثاً عن الجزيرة الذهبية اتبع طريقة أخرى. إذ أنه أخذ قيثارته وابتدأ يعزف عليها أجمل الأنغام وأعذب الألحان، فاستحوذ على مشاعر وعواطف وقلوب بحارته بجملتها؛ وبالتالى لما مر بالجزيرة لم تجتذبهم سحر أنغامها ولم يعبأوا بها.
أعزائى، أولاد الله الأحباء، إن أعظم قوة للتغلب على التجارب وكل غوايات العدو الساحرة وبريقه الخداع الذى يريد أن يسلب قوانا ويأسرنا بأموره؛ أن نعزف على أوتار قلوبنا موسيقى أحلى وأعذب، موسيقى التسابيح والأغانى الروحية التى يِنشئها فينا الروح القدس، فلا نسكر بخمر العالم الذى فيه الخلاعة. فهيا بنا نعزف موسيقى أرقى لنتغنى عن الفادى المحب الذى أسلم نفسه لأجلنا، عن الآب المحب الذى لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين الذى وهبنا معه كل شئ موسيقى التمتع بكل البركات التى غمرنا بها فى المسيح يسوع موسيقى التمتع بحياة المسيح العطرة وحبه الذى ليس له مثيل فنرقى مع الألحان هذه الأجواء نظير حبقوق الذى أخذ آلته وابتدأ يفرح بالرب ويبتهج بإله خلاصه الذى يقيمه على كل المرتفعات.