عرفنا من المقال السابق -مايو 93- أن الله موجود ولايمكن إلا أن يكون موجوداً. وعرفنا مَنْ هو؟ وتوقفنا عند السؤال : هل الله واحد أم أكثر من واحد؟
تعالوا بنا إلى الكتاب المقدس لنعرف الإجابة على هذا السؤال، فالعهدان القديم والجديد يُعلنان لنا بوضوح شديد أن الله واحد ولا إله غيره. وإليك آيات توضح ذلك:
(1) فى سفر التثنية ص 4: 35 «الرب هو الإله. ليس آخر سواه» .
(2) أيضاً فى سفر التثنية ص 4: 39 «فاعلم اليوم وردد فى قلبك أن الرب هو الإله فى السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل. ليس سواه» .
(3) أيضاً فى سفر التثنية ص 6: 4 «إسمع ياإسرائيل. الرب إلهنا رب واحد».
(4) ويقول الرب فى سفر التثنية أيضاً ص 32: 39 «أنظروا الآن. أنا أنا هو وليس إله معى»
(5) فى سفر إشعياء ص 44: 6 يقول الرب «أنا الأول وأنا الأخر ولا إله غيرى».
(6) وأيضاً فى إشعياء ص 45: 5 يقول الرب «أنا الرب وليس آخر. لا إله سواى» واقرأ أيضاً عددى 21، 22 من نفس الأصحاح.
(7) فى آخر سفر فى العهد القديم - سفر ملاخى نقرأ فى ص 2: 10 «أليس إله واحد خلقنا»
(8) ويقول الرسول بولس فى رسالته إلى رومية ص 3: 30 «لأن الله واحد هو الذى سيبرر ...»
(9) ويقول يعقوب فى رسالته ص 2: 19 «وأنت تؤمن أن الله واحد حسناً تفعل»
(10) ونختم مجموعة الآيات هذه {وهى على سبيل المثال} بما قاله الرب يسوع المسيح لواحد من الكتبة فى إنجيل مرقس ص 12: 29 «إن أول كل الوصايا هى إسمع ياإسرائيل. الرب إلهنا رب واحد».
والآن بعد أن تأكدنا من وحدانية الله (أى أن الله واحد) بقى أن نسأل : كيف كان يمارس الله صفاته قبل أن يخلق الملائكة وقبل أن يخلق الإنسان؟ مع مَنْ؟ مادام لايوجد معه أحد فكيف أمكن أن يمارس المحبة وهى طبيعته ومع مَنْ كان يتكلم ومَنْ كان يسمع؟ ...... لاشك أن الله منذ الأزل كان يحب «لأن الله محبة» (1يوحنا 4: 8) ومنذ الأزل كان يتكلم ومنذ الأزل كان يسمع..... ولكن بقى السؤال : مع مَنْ؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول أن الكتاب المقدس إن كان يعلن لنا بوضوح أن الله واحد لكنه يعلن لنا أيضاً بوضوح عن حقيقة التثليث وإن كنا لانقرأ فى الكتاب المقدس هذا اللفظ (ثالوث أو تثليث) لكنها ترِد كحقيقة فى طول الكتاب وعرضه.
ومعنى حقيقة التثليث أن فى وحدانية الله ثلاثة أقانيم وكلمة أقنوم كلمة سريانية معناها - شخصية متميزة (مستقلة)- ولكنها فى نفس الوقت متحدة مع أشخاص آخرين.
وكل أقنوم من الأقانيم هو الله وهم متساوون تماماً ومتحدون إتحاداً كاملاً.
وقد يسأل أحدهم كيف يكون هذا؟ والإجابة أنه لو كنا نقدر أن نعرف الله تماماً وندركه جيداً لايكون هو الله لأن الله غير محدود أما عقولنا محدودة فلا يجب أن نتصور الله فى وحدانيته شخصاً واحداً جالساً على كرسى واحد، أو نتصوره فى تثليث أقانيمه ثلاثة أشخاص جالسين على ثلاثة كراسى إلى جانب بعضهم فى السماء لأن هذا الفكر أو ذاك هو تحديد لله غير المحدود. إن «الله عظيم ولا نعرفه» (أيوب 36: 26) و « القدير لانُدركه» (أيوب 37: 23)
والحقيقة هى أن الله غير محدود وغير مُدْرَك وكل من الأقانيم الثلاثة هو الله ذاته فكل منهم غير محدود وغير مُدْرَك لأنه الله الذى لايخلو منه مكان أو زمان.
والأقانيم الثلاثة هم الآب والابن والروح القدس ولا يصح أن نقول عن الآب أنه الأقنوم الأول وعن الابن الأقنوم الثانى وعن الروح القدس الأقنوم الثالث لأنهم كما ذكرنا سابقاً متساوون تماماً ولايوجد أقنوم أسبق من الآخر فكل منهم أزلى أبدى.
وفى العدد القادم بمشيئة الرب سنأتى بآيات من العهدين - القديم والجديد تُرينا حقيقة التثليث والتوحيد بصورة واضحة.