فى سجلات التاريخ أمثلة متعددة لِما يمكن أن يفعله الشباب فى ربيع العمر وزهرة الحياة:

فالإسكندر الأكبر إعتلى العرش فى العشرين من عمره وغزا العالم فى الثالثة والثلاثين.  وكان واشنطون جنرالاً مساعداً فى التاسعة عشرة من عمره وكسب معاركه الأولى فى الثانية والعشرين من العمر. وكان جاليليو فى الثامنة عشرة عندما بدأ فى اكتشافاته الرائعة.  وكان لوثر فى التاسعة والعشرين عندما علّق وثيقته المشهورة وبدأ الإصلاح.

وفى سجلات الكتاب المقدس نماذج عديدة أيضاً لشباب مكرََّس للرب تلمع قصصهم على صفحات الوحى الإلهى .

يوشيا
وحديثنا هذه المرة عن يوشيا ، الملك الشاب - الذى وردت قصته فى سفر الملوك الثانى أصحاحى 22، 23 وسفر أخبار الأيام الثانى أصحاحى 34، 35 . وُلِدَ هذا الشاب من أب شرير، وتولى حكم المملكة فى الثامنة من عمره ومات فى معركة حربية فى سن التاسعة والثلاثين.  إنها قصة مُثيرة حقاً.  ورغم أنه لم تَطُل حياته، لكنه صنع مايمكن أن يكون نموذجاً يُحتذى لجميع الشباب فى كل العصور والأجيال .

الإتجاه الصحيح   

لم يولد يوشيا فى بيت تقى لكنه وجد نفسه فى سنيه الأولى إبناً لأب شرير هو آمون الملك.  ومات أبوه مقتولاً بفتنة فى المملكة (أخبار الأيام الثاني 33:   21- 25). ومرة أخرى وجد يوشيا نفسه صبياً عمره 8 سنوات يرِث عرشاً متهاوياً ومملكة ضعيفة بل يحكم شعباً شريراً قد ابتعد عن الله وكان شبح الدينونة الإلهية يلوح فى الأفق.  كان من الممكن أن يُصيبه كل هذا بالفشل فيبتعد عن الله سالكاً فى شرور أبيه لكنه، على العكس إتجه للرب، «رجع إلى الرب بكل قلبه وكل نفسه وكل قوته» ، وفى سن السادسة عشرة، السن الحرجة، إبتدأ يطلب إله داود أبيه (34: 3).  لقد رغب فى التعرّف بالرب شخصياً، فطلبه من قلبه «أطلبوا الرب مادام يوجد ادعوه وهو قريب» (إشعياء 55: 6).  لم يكتفِ بما سمعه عن الرب لكنه أراد أن يتخذه إلهاً شخصياً له.

عزيزى ، لايكفى أن تعرف عن الله عن طريق التعليم أو الوراثة، فهذا لايمكن أن يقنع أو يفى حاجات قلبك ولن تستريح نفسك حتى تقول «آه يارب . لأنى عبدك» (مزمور 116: 16).  هل تعرّفت بالرب شخصياً؟ هل لكَ علاقة قلبية حقيقية معه؟

التحدى الصعب  

وفى السنة الثانية عشرة إبتدأ يطهر يهوذا وأورشليم من المرتفعات والسوارى ... (34: 3- 5).  لما بلغ سن العشرين كان أول مافكر فيه وعمله هو تطهير البلاد من كل مظاهر العبادة الوثنية التى تراكمت فيها.

وجد نفسه أمام جبل ضخم من الشرور وعبادة الأوثان التى أدخلها آباؤه.  لكنه صمم على أن يعزل من حياته وحياة شعبه مايغيظ الله.  لم يشعر بالخوف بسبب صِغر السن ولم ييأس بسبب انتشار الشر لكنه مُعتمداً على قوة الله وحده مضى لتطهير الأرض من الأوثان.  بدأ بتطهير محلى فى المكان الذى يعيش فيه (يهوذا وأورشليم)، وكان التطهير عملياً إذ هدموا أمامه مذابح البعليم وتماثيل الشمس التى عليها من فوق ثم كان التطهير شاملاً إذ كسَّر السوارى والتماثيل والمسبوكات، وكان تطهيراً كاملاً حتى أنه بعد أن كسَّرها دقها ورشها على قبور الذين ذبحوا لها وأحرق عظام الكهنة على مذابحهم.  وبعد ذلك إتجه لبقية مدن المملكة فكان التطهير عاماً (34: 6، 7). 

أخى الشاب ستواجه فى حياتك تحديات شر كثيرة ربما فى مدرستك أو مكان سكنك أو من أصدقائك، ماذا تفعل؟ لتضع فى قلبك تصميماً على رفض كل صور الشر التى يقدمها العالم .  هل تشتاق أن تطهر قلبك وحياتك وبيتك من كل مالايرضى عنه الرب؟ إذاً فانتبه لصداقاتك، فالصداقات مع غير المؤمنين تُدخل لحياتك مبادئ العالم وأفكاره وستؤدى للضعف الروحى .

كما إحذر من المجلات الخليعة والروايات المُثيرة وغيرها مثل شرائط الكاسيت والفيديو فهى تدمر الحياة الروحىة .  كُنْ حازماً كيوشيا واستبعد من حياتك مايقدمه إبليس ليوثر على أفكارك ويتلاعب بمشاعرك.

الإتضاع الحقيقى   

كيف تعامل يوشيا مع كلمة الرب التى وجدوها أثناء ترميم الهيكل؟ عندما قرأوها أمامه يقول الكتاب «لما سمع الملك كلام الشريعة مزق ثيابه» ثم أرسل عبيده ليسألوا خلدة النبية الموجودة وقتها عن ماسيفعله الرب معه ومع شعبه.  كان له قلب رقيق وضمير حساس لكلمة الرب.  والرب سُرَّ جداً بموقفه فأرسل يمتدحه ويشجعه (34: 21- 28).  

كيف نتعامل فى هذه الأيام مع كلمة الله هل نوقرها ونُعطيها الإحترام اللائق؟ ماهو موقفنا من الكلمة التى نسمعها فى الاجتماعات؟ هل نجتهد أن نفهمها ونعرف ماذا يقصد منها الرب لنا؟ وهل نتجاوب مع المكتوب ونطلب من الرب باتضاع أن يساعدنا لإتمام وصاياه - «إلى هذا أنظر إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامى» (إشعياء 66: 2).

لازال الرب يُقيم فى عصرنا شباباً مثل يوشيا يريد أن يتمجد بهم رغم ضعف إمكانياتهم وصعوبة الأيام.  إن اشتقت أن تكون من ضمن هؤلاء فلتضع أمامك :

- تطلب الرب من كل قلبك.

- ترفض وتعزل من حياتك كل ما يتعارض مع حقوق الرب.

- تُطيع كلمة الله بكل دقة.