الكرمة الحقيقية (يوحنا15: 1)
«أنا (هو) الكرمة الحقيقية» (يوحنا15: 1). هذه هى المرة السابعة والأخيرة لعبارة «أنا هو ... » المذكورة فى إنجيل يوحنا. وهنا يذكرها الرب بالإرتباط بالكرمة الحقيقية، والكرمة هى شجرة العنب، وهى أول شجرة يذكر الكتاب المقدس أن إنساناً قد زرعها (تكوين9: 20).
والكرمة وجدت لكى تثمر، لأنه لا يؤخذ منها شئ لعمل ما، فلا نستطيع أن نصنع من خشبها أبواباً أو شبابيك (حزقيال15).
ولقد شُبه بنو إسرائيل فى العهد القديم بكرمة (مزمور80: 8، إشعياء 5: 1- 7) اعتنى بها الله، وكان منتظراً ثمراً لمجده، لكن بالأسف هذه الكرمة صنعت عنباً رديئاً، إذ بدل العدل وُجِد الظلم ونزع الحق. وهكذا رفض الله تلك الكرمة الأرضية التى لم تعد شاهدة لمجده، وأتى الرب يسوع المسيح على الأرض ليكون هو وحده الكرمة الحقيقية الذى يشهد ويثمر لله، إذ قال فى صلاته للآب «أنا مجدتك على الأرض العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته» (يوحنا17: 4). وتذكر كلمة «الحقيقى» أيضاً عن الرب فى أوجه مختلفة:-
فهو النور الحقيقى (يوحنا1: 9) وذلك بالمقابلة مع يوحنا المعمدان الذى هو السراج (يوحنا5: 35).
وهو الخبز الحقيقى (يوحنا6: 23) وذلك بالمقابلة مع المن الذى أكله الآباء فى البرية وماتوا.
وعندما شبّه الرب نفسه بالكرمة، فالأغصان فى هذه الكرمة هم المؤمنون وهم جزء منه، وهنا نجد صورة للوحدة الرائعة والاتصال المستمر بين الرب والمؤمنين، وأيضاً وحدة المؤمنين معاً، لأن كل الأغصان تستمد نفس العصارة من الكرمة الواحدة، لذلك يحدث انسجام تام بين المؤمنين إذا كانوا فى شركة قوية مع الرب.
وأيضاً نجد الامتياز والمسئولية، فامتياز المؤمنين أنهم أغصان فى الكرمة أى يشاركون ذات طبيعة وحياة المسيح فيهم، أما المسئولية فهى الثبات فى المسيح للإتيان بالثمر فيقول الرب «الذى يثبت فىَّ وأنا فيه هذا يأتى بثمر كثير. لأنكم بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً».
ونتيجة لثبات الغصن فى الكرمة فإنه يتمتع بدسم وعصارة الكرمة فيظهر الثمر، وهكذا المؤمن يجب أن يثبت فى المسيح «اثبتوا فىَّ» أى المشغولية به والوجود فى الشركة المستمرة معه، وذلك بقراءة كلمة الله والصلاة والشركة مع المؤمنين وبذلك يمكنه أن يعمل ما يُسِر قلب الله. والثمر هو ظهور صفات المسيح فينا.
أخى ... أختى ...
هل تعلم لماذا أوجدك الله على الأرض؟ هل لكى تأكل وتشرب وغداً تموت؟ كلا ... بل لقد أوجدك لكى تثمر ثمراً كثيراً به يتمجد الآب وبه تُظهر أنك تلميذ للمسيح.