فــــات الميـــــعاد

.   

شَكَت أمى من بعض الآلام، ورغم عرضها على أطباء كثيرين إلا أن صحتها لم تتحسن.  فسافرنا إلى طبيب كبير، وعندنا النية على أن لا نبخل بكل ما نملك فى سبيل شفاء الأم الغالية. وبعد أن فحصها الطبيب جيداً أخبرنا بأنها تحتاج إلى جراحة عاجلة، وكغريق أمسك بقشة، بادرته قائلاً:
ونحن مستعدون بكل التكاليف. 

استدار الطبيب وجلس على مقعده وكأنه يريد أن يرتب أفكاره فى عبارة موجزة، وأنا أنظر إلى شفتيه متلهفاً، ثم قام وأخذنى خارج غرفة الكشف وقال لى:

ولكنك تأخرت جداً.  لقد فات الميعاد؛ فالمرض تمكن منها وها هى قد تقدمت فى الأيام، ولا تتحمل أىة جراحة!  عندئذ أطبقت الدنيا علىَّ شاعراً بندم شديد، وأنا ألوم نفسى، لماذا تأخرنا فى علاجها العلاج الصحيح .

أصدقائى: كم من الخسائر نتكبدها بسبب تأخرنا، ونكتوى بين نارين؛ نار العذاب ونار الندم ... ولأسباب واهية وأعذار قبيحة فات هؤلاء الميعاد:

(1) العذارى الجاهلات : (مت25)

وهم صورة للمسيحيين الذين يكتفون بمصابيح لا زيت فيها ولا نور، يواظبون على الصلاة وينبهرون بالآيات، ولكنهم بلا ثمر وبلا إيمان حقيقى.  إنهم مخدوعون (اقرأ متى 7: 21 - 23 ، 2كورنثوس11: 4).
فلا عجب أن جاء العريس وأخذ الحكيمات، وأخيراً جاءت بقية العذارى ولكن هيهات.  لقد أُغلق الباب.

 عن قريب سوف يغلق ذا الباب
                  حين يمتلى المكان
   إن قــرعت سوف تســمع الجواب
                        لقد فاتك الأوان
                        عند ذا ليس وصــــــــــــــــــــــــول                       
                     أبداً ولا قبول
عند ذا تبكى ولا يمكن دخول     
                  ليس يوجد مكان

(2) الذين ينشغلون بالأرضيات:
رتب الرب فى العهد القديم بركة خاصة للبكر (أول مولود ذكر)، إلا أن عيسو (الابن الأكبر لإسحق) باع بكوريته وللأسف بأكلة عدس واحدة.  وبعد ذلك أراد البركة، لكنه رُفِض.  إذ لم يجد للتوبة مكاناً مع أنه طلبها بدموع. (اقرأ عبرانيين12: 16 - 17). إنه يمثل فريقاً كبيراً من البشر الذين «إلههم بطنهم ... الذين يفتكرون فى الأرضيات» فيلبى3: 19.

(3) عماساً الذى تأخر عن الميقات:
كان الشعب فى حالة حرب، فكلف الملك داود عماسا بمهمة، على أن يعود بعد ثلاثة أيام، لكن عماسا تأخر عن الميقات الذى عينه الملك.  فكانت النتيجة أنه قُتل بسيف يوآب (2صموئيل20).  فلنحذر من التأخر. ذهب شاب إلى أحد الشيوخ الحكماء ليسأله عن أنسب وقت للتوبة.
فأجابه الشيخ: إن أنسب وقت للتوبة يا بنى هو قبل أن تموت بيوم واحد. فرح الشاب وانصرف وكأنه حصل على رخصة للتمتع بالدنيا ولن تفوته الآخرة.  وفيما هو سائر فى الطريق قفز إلى ذهنه سؤال: ولكنى لا أعرف متى أموت؟ 
فرجع بسرعة إلى الشيخ قائلاً له:  سيدى، لقد نصحتنى بأن أتوب قبل أن أموت، ولكن الإنسان لا يعرف وقته.  عندئذ أجابه: إذاً فلتتب اليوم يا بنى، يقول الكتاب المقدس العظيم: «هوذا الآن وقت مقبول.  هوذا الآن يوم خلاص» (2كورنثوس6: 2)    

                                                                                                         لا تتوان