عشرة على عشرة، رائع، ممتاز. وهكذا كان ينساب الحبر الأحمر ليكتب كلمات التشجيع بكل رقة وعذوبة، وسط بهجة وفرحة الطلاب الحاصلين على الدرجات النهائية فى أحد الاختبارات الشهرية. وهكذا استمر القلم الأحمر يتراقص طرباً، فالإجابات نموذجية، والرسومات جميلة، والخطوط متناسقة؛ وكأنه على موعد مع المتفوقين، فهذا يستحق نجمة وذاك نجمتين، ولِمَ لا، فإن كانت الفنادق ذات الخدمة الممتازة تُقيَّم بالنجوم، فكيف لا يقيِّم قلمى الأحمر طالباً نجيباً بأجمل النجوم.
وبينما كان القلم يمارس هوايته راسماً نجوماً رائعة، فجأة تسمر القلم، وما عاد يكتب أو يرسم؛ فانزعج الطلاب وصرخ أحدهم وهو يقول: "يا أستاذ أرجوك صحح لى الامتحان، لقد انتهيت من الإجابة حالاً". فحاول الأستاذ أن يستخدم القلم، ولكن الحبر كان قد نفد، وجف القلم، وتزامن ذلك مع دقات جرس المدرسة معلناً نهاية الحصة، وتأجل تصحيح الاختبار، وسكن القلم فى جرابه بلا حراك، فليس فى جعبته بعد أى نجوم، وكان الطلاب فى ذهول ووجوم!
أصدقائى
هناك قلم آخر فى يد أعظم المعلمين وسيدهم، إنه قلم أحمر أيضاً، ويكتب أجمل الكلمات وأخلدها، فحبره دم المسيح «الذى لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا» (كولوسى 1: 41): لقد كتب مرة لامرأة «عظيم هو إيمانك» (متى15: 28 )، ولرجل «مغفورة لك خطاياك» (متى 9: 2). ومازال القلم يغفر، ويطهر، بل ويسجل أسمى الدرجات وأرفع الأوسمة سيُعلَن عنها فى حينها أمام كرسى المسيح. لكن سيأتى الوقت الذى يمتنع فيه القلم عن الكتابة، لا لأن الدم قد جف، بل لأن زمن الافتقاد قد ولّى، ودق الجرس ليعلن لا نهاية الحصة، ولا حتى نهاية اليوم الدراسى، بل نهاية الزمن .
أبشر يا صديقى: فحصتك لم تنتهِ ... والجرس لم يدق ... والقلم لم يجف لكن حذارى التأخير.