هو أردأ صفة يمكن أن يتصف بها إنسان، بل هو الموت الأدبى بعينة. فلا يستحق أن يقال عنه أنه عاش من قامت حياته على أكاذيب. وبيض أفعى الكذب يفقس ليعطى ثعابين مختلفة كلها ذات سم زعاف، منها الريأ والغش والنفاق والخداع والمداهنة والكلام المعسول وغيرها.
ويكفى هذه الصفة بشاعةً أن ربنا الكريم جعلها ليس فقط إحدى صفات الشيطان، بل هى كل كيانة من الداخل وعمله الوحيد فى الحياة فيقول عنه «أنه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب» يوحنا8: 44 ؛ وعليه فمن يكذب أو يحب الكذب هو كمن يشد علي يد الشيطان مشجعاً له على إنتاجه ومروجاً لبضاعته، ولذلك لا يمكن أن يكون الكذب هو سمة أحد المولودين من الله، حتى وإن كان بعض أولاد الله يسقطون أحيانا فيه.
دوافع الكذب وإذا درسنا كلمة الله باجتهاد سنضع أيدينا على معظم الأسباب التى قد تدفع على الكذب سأذكر لك بعضها:
1- الخوف والجبن: هذا ما دفع بطرس أن يكذب أمام الجوارى منكرا علاقته بالمسيح (متى26: 69 -75)، وهو أيضاً الذى دفع إبراهيم إلى إخفاء جزءاً هاماً من حقيقة علاقته بساره وهو نوع من الكذب المُقنَّع (تكوين 21: 11-13 ، 20: 2 ،12).
2- ضعف الإيمان بالله وعدم انتظاره: هذا ما دفع رفقة ويعقوب للاتفاق معاً على الكذب على إسحق، فلم يكن لديهما الإيمان أن الله لابد أن يبارك يعقوب كما وعد مهما كانت محاولات إسحق غير الوعية (تكوين 27: 6-27).
3- الطمع ومحبة المال: هذا ما دفع جيحزى أن يجرى وراء نعمان ليأخذ منه فضة وثياباً مختلقاً كذبة ليصل لغرضه، ومشوهاً جمال نعمة إله إسرائيل التى أبرزها أليشع أمام نعمان الأممى (2ملوك 5: 20-22).
4- تبريرالأخطاء والهروب من المشاكل: وهذا ما فعله جيحزى أيضا عندما سأله أليشع «من أين يا جيحزى؟»، فكان رده الكاذب «لم يذهب عبدك إلى هنا أو هناك» (2ملوك5: 52 ). فقد حاول إخفاء الكذبة الأولى بكذبة ثانية، وظن أنه هكذا سيهرب من المشكلة، ولم يكن يدرى أنه هكذا يزيدها تعقداً، وهكذا دائما الكذبة تجر وراءها أكاذيب؛ وإن لم يتب من كذب ستصبح حياته كلها كذبة
5- حب الظهور: وهذا فى رأيى من أخطر الأسباب التى تدفع الكثيرين للكذب، ولاسيما من الشباب. فقد يكذب الشاب ليخفى حقيقة مستواه الإجتماعى، أو حتى مستواه الروحى، أو ليظهر أمام الأخرين فى مستوى أعلى من مستواه. هذا ما دفع حنانيا وسفيرة للكذب ليس على الرسل، بل على الروح القدس عندما باعا الحقل وقد كان بإمكانهما أن يستبقيا كل الثمن عندهما فهو ملكهما، لكنهما أرادا أن يظهرا بمستوى روحى عالٍ كبرنابا الذى باع حقله وقدم للرسل كل ثمنه؛ فاختلسا جزءاً من ثمن الحقل وأتيا بالباقى عند أقدام الرسل على أنه هو ثمن الحقل كله (أعمال 5: 1-10)
نتائج الكذب:
هى كثيرة ومريرة لكنى أختار لك أوضحها من الامثلة السابقة :
1- ضياع الشهادة عن الرب و التوبيخ الشديد من الأشرار؛ وهذا ما حدث مع ابراهيم.
2- الندم الشديد والبكاء المر وربما الشك فى حقيقة الإيمان من الشخص نفسه أو من المحيطين به أو كلاهما؛ وهذا ما حدث مع بطرس.
3- جلب العقاب والتأديب للشخص نفسه وربما لمن حوله؛ وهذا ما حدث مع كل من جيحزى وحنانيا فأحدهما جلب البرص والاخر جلب الموت. إن كلمات الله الصادقة فى العهد القديم هى «المتكلم بالأكاذيب لا ينجو... والمتكلم بالأكاذيب يهلك» (أمثال19: 5،19)، وفى العهد الجديد هى «...وجميع الكذبة فنصيبهم فى البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذى هو الموت الثانى»، وقيل عن المدينة السماوية أنه «لن يدخلهاشىء نجس ولا ما يصنع رجساً وكذباً» وخارجها يوجد «كل من يحب ويصنع كذباً» (رؤيا12: 8 ، 72؛ 22: 51).
نصائح هامة:
1-الكذب هو جوهر الشيطان وكل كيانة، وعندما تضع كذبة فى قلبك لتنطق بها على لسانك، أنت كمن يغرف بيده سُمّاً من أعماق الشيطان ليضعه فى فمه؛ فأحذر من هذا.
2- لا تنسَ مواعيد الرب المتكررة والمؤكدة لك بأنه معك، فلا تخف من إنسان مهما كان هذا الإنسان، ولا تكذب حتى ولو هددوك بالموت، فعند الرب السيد للموت مخارج (مزمور 86: 20). احذر محاولات النجاح عن طريق الكذب بدلاً من انتظار الرب فيه. واحذر كل الحذر من محبة المال فهو ليس فقط أصل للكذب بل لكل الشرور (1تيموثاوس6: 10 ).
3-تذكر هذه الحقيقه الثابته التى يقرها كل الناس حتى الأشرار: أن كل كذبة لابد أن يأتى يوماً وتنكشف، مهما كانت احتياطاتك لإتقان إخفائها؛ ودائماً تنكشف الكذبة بطريقة لم تكن تخطر على بال الذى كذب، لقد قال الرب «ليس مكتوم لن يُستعلن ولا خفى لن يُعرف» (متى10: 62 ).
4-احفظ نفسك دائماً فى جو الشركة مع الله، وعش دائماً فى نور حضرته؛ فهذا أعظم ضمان.