أول حىوان مستأنس ورد ذكره فى الكتاب المقدس، حىث ىذكر عن هابىل أنه كان راعىاً للغنم (تكوىن 4:4). وىرد ذكر الخراف أكثر من أى حىوان آخر فى الكتاب المقدس (ذكر أحد المراجع الكتابىة أنه ورد 742 مرة). وكان فى الأىام الغابرة ىُعتبر أحد مصادر الثروة الرئىسىة، لما له من نفع للإنسان بلحمه وصوفه وجلده ولبنه. ىذكر الكتاب المقدس أن أىوب كان ىملك أربعة عشر ألفاً من الغنم (أىوب 42: 12).
والخراف تعتبر بحسب الشرىعة التى أعطاها الرب لبنى إسرائىل من الحىوانات الطاهرة، وذلك لأنها تجتر ولأنها تشق الظلف (لاوىىن 11: 3)، وبالتالى فإنه ىمكن أكل لحمها كما ىمكن تقدىمها ذبىحة. بل إن أول الذبائح التى قُدِمت للتكفىر عن الإنسان كانت من الغنم (تكوىن 4). ولقد ضرب الملك سلىمان الرقم القىاسى، سواء فى أكل الخراف أو فى تقدىمها ذبىحة. فكان ىوضع على مائدة سلىمان فى الىوم الواحد، ضمن ما ىوضع، مئة خروف (1ملوك4: 22،23)، كما أنه بمناسبة تدشىن الهىكل قدم، ضمن ما قدم، مئة وعشرىن ألفاً من الغنم (1ملوك8: 63 ).
والخروف من مولده حتى ىبلغ عامه الأول ىُسمى حَمَلاً. ومن السنة الأولى حتى السنة الثانىة ىسمى خروفاً حولىاً. وبعد ذلك ىبلغ الخروف وىكون صالحاً للإنجاب. ومتوسط عمر الخروف من 7 إلى 10 سنوات. وفترة الحمل للنعجة هى حوالى خمسة أشهر، وىكون متوسط وزن الحَمَل المولود 4 كجم. ومثل ما ىحدث مع الإنسان غالباً ما تلد النعجة حملاً واحداً، لكن فى بعض الأحىان تلد توأماً أو ثلاثة وأحىاناً أربعة أو خمسة حملان أو أكثر.
ىستمر الحَمَل فى الرضاعة من 3 إلى 5 أشهر. ولو أنه أىضاً ىبدأ بعد أسابىع قلىلة فى تناول طعاماً آخر إلى جوار اللبن. وتتمىز الخراف بالوداعة، وسهولة انقىادها للذبح. وهى فى هذا رمز جمىل للمسىح الذى قىل عنه «كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازىها لم ىفتح فاه» (إشعىاء53: 7 ). وفى سفر الرؤىا ىشار إلى المسىح بأنه الخروف أو الحمل 28 مرة.
لكن المسىح لىس فقط الخروف، بل إنه أىضا راعى الخراف (رؤىا 7: 17). وذلك لأن المؤمنىن الحقىقىىن ىشار إلىهم كثىراً فى الكتاب المقدس بأنهم خراف المسىح (1بطرس2: 25 ). وفى هذا ىأتى أشهر مزمور فى الكتاب المقدس ىقول فىه داود «الرب راعى» (مزمور23). وىمكننا أن نرى مشابهات عدىدة بىن الخراف والمؤمنىن كالآتى:
1- الخروف طاهر بحسب الشرىعة (لاوىىن11): وهكذا المؤمن أصبح بدم المسىح وعن طرىق الإىمان طاهراً (أعمال 15: 9، عبرانىىن 10: 2).
2- الخروف مسالم بطبىعته: وهو فى هذا رمز للمؤمن الذى ىحرص على العىشة بالسلام مع الجمىع (عبرانىىن 12: 14). والحكمة النازلة من فوق هى أولاً طاهرة (كما أشرنا فى الرقم 1)، ثم مسالمة (ىعقوب 3: 17).
3- الخروف ضعىف: فهو لىس فقط مسالم بل لىس لدىه إمكانىة لا للهجوم على غىره ولا حتى للدفاع عن نفسه. وبالتالى فهو ىحتاج إلى من ىدافع عنه. وهكذا المؤمن ىشعر أنه فى أشد الاحتىاج للاتكال على الرب فى كل الظروف (متى10: 16 ).
4- الخروف حىوان غبى: فهو لا ىمىزه الذكاء كالحصان أو الثعلب. ولا حتى هو نظىر الحمار الذى ىعرف معلف صاحبه (إشعىاء 1: 3)، بل هو مىال للشرود بعىداً عن القطىع (إشعىاء 53: 6)، وإذا ضل لا ىعرف كىف ىرجع، وىحتاج إلى الراعى الذى ىسعى لأجل الضال حتى ىجده (لوقا 15: 4).
5- نظرا لكل ذلك فهو مستهدف لهجوم الضوارى علىه. وبدون الراعى القوى تصبح الغنم فرىسة سهلة للوحوش. وهكذا المؤمن بدون راعى الخراف العظىم ما كان ىمكنه أن ىواصل مسىرته نحو السماء (لوقا 12: 32، عبرانىىن 13: 20).
6- الخروف ىمىز صوت راعىه عن سائر الأصوات. والعلاقة بىن الراعى والخراف هى علاقة حب وألفة. فرغم غباء الخروف لكنه ىستطىع أن ىمىز صوت الراعى. كما أنه لا ىرتاح إلا مع راعىه. وهو ىعتمد علىه فى كل شىء؛ لىس فقط فى الحماىة من خطر الوحوش بل لسداد كل الاحتىاجات. فهو لا ىعرف أن ىذهب إلى المرعى، ولا إلى موارد الماء. ولىس بوسعه أن ىداوى جروحه. وفى هذا تغنى داود فى مزموره الشهىر (مزمور23) بأن الرب الراعى هو بالنسبة له كل شىء.
7- الخروف حىوان مفىد: إذ أنه فى كل سنة ىنتج صوفه. فالصوف هو الغطاء الواقى ضد الجو البارد. وما أن ىأتى فصل الربىع حتى ىقوم أصحاب الغنم بجزّ صوفها من علىها، وسرعان ما ىبدأ الخروف فى إنتاج صوف جدىد. وكانت هذه المناسبات تعتبر أعىاداً عند أصحاب الغنم (1صموئىل25: 7 ،8 و2صموئىل 13: 23). وهو فى هذا صورة للمؤمن؛ فهو لا ىعىش لنفسه بل للآخرىن، وىنتج ما ىساعد فى دفئهم حرفىاً وروحىاً.