* ما بالك يا صديقي؟ هل لازلت تبحث عن مشيئة الله في حياتك؟
- بكل تأكيد يا عزيزي، فلن أرضى بأقل منها منهجًا لحياتي.
(هكذا بدأ صديقانا، الشيخ والشاب، حديثهما مستكملين حوارًا بدأ منذ فترة).
- دعنا الآن نتحدث عن باقي القانون الذهبي لفهم مشيئة الرب )رومية12: 1، 2)
* إن الشرط الثاني، كما نقرأه في القانون الذهبي، هو «ولا تشاكلوا هذا الدهر».
- بصراحة؛ إن هذه العبارة تبدو غامضة بالنسبة لي.
* عندما تستعصى أمامك عبارة من المكتوب، دعنا نحاول فهم ما تقصده كلماتها، وذلك سيسهل لنا فهمها. - دعني أبدأ بالأصعب بالنسبة لي، ماذا يعنى بكلمة «هذا الدهر»؟
* في بساطة أقول لك إن المقصود بهذا التعبير هو العالم الحاضر، وأقصد بالعالم الناس الذين يعيشون حولنا، بما لهم من أفكار وطرق ومبادئ في الحياة.
- فما قصده إذًا من النهى «لا تشاكلوا»؟
* لا تكونوا على شاكلتهم، أي أن لا نتشبه بهم ونعيش بطريقتهم.
- وكيف يكون ذلك؟
* في البداية لابد أن أدرك تمامًا أنى بالفعل لست مثلهم. فطريقهم ليس طريقي إذ أن نهايتهم ليست نهايتي. لقد بدأت طريقًا مع المسيح يوم قبلته على حياتي لا مخلصًا فقط بل ربًا وسيدًا أيضاُ. وقد أصبحت نهايتي مرتبطة به، في السماء حيث أعد مكاني، ولذلك فينبغي أن أعيش كسماوي؛ كشخص أعرف أن موطني ليس هذه الأرض (فيلبى 3: 20)، بل إنني فيها ضيف لمدة وجيزة أصل بعدها إلى وطني، وبذلك فإن أهدافي وطموحاتي كلها مرتبطة بوطني؛ السماء. وهكذا لم يعد يصلح لي أبدًا أن أعيش بطريقة هذا العالم.
- لكنى بالطبيعة أفعل الكثير مثلهم كالأكل والشرب والتعليم والرياضة.
* إني لا أقصد أنني صرت كائنًا مختلفًا عنهم، ففي كل هذه الحاجات الطبيعية لازلت مثلهم، وإن كان كل ذلك سيتغير قريبًا بمجيء الرب، ولن أصبح في احتياج إلى مثل هذه الأمور. لكنى أقصد عدم مشاكلتهم في أمور أخرى.
- إذًا؛ في أي الأشياء ينبغي ألا أشابه هذا الدهر؟
* ينبغي ألا أشاكلهم لا في تقييمهم للأمور، ولا في الأهداف، ولا في التصرفات.
- هل يمكن أن تحدثني بتفصيل أكثر؟
* أول كل شيء؛ ينغى ألا أشاكلهم في تقييمهم للأمور، أي في المبادئ التي على أساسها يحكمون على الأمور، والتي بناء عليها يختارون اختياراتهم.
- هل تكرمت بمزيد من الإيضاح؟
* أعطيك مثالاً للتوضيح: إن أبسط المبادئ التي تحكم على الأمور عند آهل العالم هو "ما الذى سيعود علىَّ بالمنفعة من هذا التصرف أو ذاك؟"، أما بالنسبة لي كمؤمن فمن المطلوب أن يكون المبدأ الذى أحرص على اتباعه في هذا الصدد هو "إلى أي حد سيعود المجد للرب من هذا التصرف أو ذاك؟".
- وما سبب هذا الاختلاف؟
* السبب في ذلك واضح؛ لأن أهدافنا مختلفة؛ فرجل العالم الطبيعي يعيش لأجل ذاته فحسب، أما أنا كمؤمن فينبغي أن أعيش للرب الذى اشتراني (رومية14: 7 -9، 2كورنثوس 5: 15 )
- وهل من مبادئ أخرى ينبغي علىَّ أن أرفضها كمؤمن في الحكم على الأمور؟
* على هذا المنوال هناك الكثير من المبادئ التي تحكم طريقة تفكير هذا الدهر كمبدأ “الأخذ لا العطاء"، و"المتعة أولاً"، و"الغاية تبرر الوسيلة"، "عش اليوم ومُت غدًا"؛ إلى آخر مثل هذه المبادئ التي ما عادت تصلح لتحكم حياتي.
- وهل من نقاط أخرى أختلف عنهم فيها؟
* إنني مختلف عنهم أيضًا في تصرفاتهم. لذا فلست مُلزَمًا بأن أعيش مثلهم؛ أفعل ما يفعلون وأمتنع عن ما يمتنعون عنه. فينبغي أن أدرك أنني قد صرت حرًا من مبدأ "كل الناس بتعمل كده"؛ فلست تحت إلزام أن أفعل ما يفعلون، لذلك فإني لا أترك ضغوط المجتمع من حولي - سواء زملاء أو أقرباء أو شخصيات عامة أو وسائل الإعلام - تشكل قراري.
- وهل هناك اختلافات أخرى عنهم؟
* في مظهري.. في كلامي.. باختصار إنني لست من هذا العالم كما لم يكن المسيح، وهو هنا على الأرض، من هذا العالم (يوحنا17: 14، 16). إنني في العالم كالسفينة في البحر، في حين أن البحر ليس في السفينة. إنني أحيا في هذا العالم لكنني لن أسمح له أن يحيا هو في داخلي بمبادئه وسلوكياته، لن أدعه يشكل في ميولي ويؤثر على قراراتي.
- وكيف يفيدني ذلك في فهم مشيئة الله؟
* حين أتحرر من أن أكون مشاكلاً لهذا العالم، سيمهد ذلك الطريق أمامي لأختبر وأعيش فكر الله في حياتي. إذ أن مُشاكلة هذا الدهر بمبادئه وأهدافه وأساليبه تشبه عصابة على العين تحجب الرؤية الصحيحة؛.متى رُفعت أمكنني أن أرى بوضوح مشيئة الله وبالتالي أن أختبرها.
- إن الأمر يزداد صعوبة، فليس من السهل أن أعيش مخالفًا لمن هم حولي، بالذات في أيامنا هذه.
* صعب؛ لكن ليس بمستحيل يا عزيزي. إننا نتكلم عن أمر قيم وغال، ولذا فهو يستحق أن أجتهد من أجله. ولا تنسَ أن لكل تحدٍ صعب يواجهنا، في سبيل الحياة كما يريدها الرب، توجد معونة كافية يمنحها لنا الرب.
- أرجو أن تخبرني عن بعضها
* في الواقع المعونات الإلهية ليست بقليلة؛ وتوجد معونة إيجابية هامة في الجزء الثالث من القانون الذهبي؛ وهذا سيكون موضوع حديثنا المرة القادمة إن تأنى الرب وأبقانا.