استيفاء الشروط

صديقي، هل تشوقت لحياة التكريس الحقيقي؟
هل في قلبك رغبة للشهادة عن المسيح وتقديمه لكل محتاج؟
هل مللت حياة الاسترخاء والمشغولية بالذات وما ينتج عنها من فراغ نفسى؟


إن كانت إجابتك نعم، فإن هذه المقالة لك وستساعدك لحياة الجندية المسيحية.
 أما إن كانت الخدمة والشهادة للمسيح لا تعنيك كثيرًا، وهناك أمورًا أخرى لها الأولوية في حياتك، فإني أصلى أن تجد هذه الكلمات صدى في قلبك. 

جندي صالح ليسوع المسيح  
لماذا تُشبَّه حياة التكريس والخدمة بالجندية؟  لثلاثة أسباب على الأقل:

1 - الجندي يتصف بالطاعة لقائده.  وقانون الجندية هو: نفذ الأوامر الصادرة، حتى لو لم تكن مقتنعًا.  وفى التكريس للمسيح الطاعة هي المطلب الأول، لذا كان شعار بولس «يا رب ماذا تريد أن أفعل»؟ (أعمال 9: 6).

2 - الجندي حياته تتسم بتحمل الصعاب؛ فهو قد ودَّع حياة الرفاهية والراحة عندما بدأ فترة التجنيد.  ولا غرابة، فالجندية تعنى الرجولة.  لهذا السبب يوصى بولس تيموثاوس «فاشترك أنت في احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح» (2تيموثاوس2: 3).

3 - الجندي يُفترض فيه الشجاعة والإقدام والمخاطرة؛ فهو في مواجهة مستمرة مع العدو، والنُصرة هي هدفه الوحيد.  لذا يصف بولس المعركة بالقول: «إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون.  هادمين ظنونًا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله، ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح» (2كورنثوس 10: 4، 5).

أمثلة وشروط :
في سفر القضاة نقرأ عن جدعون الذى حارب المديانيين وانتصر عليهم بجيش يتكون من 300 رجل فقط.
ماذا كانت مواصفات جنود جدعون؟ (قضاة7):

1 - كانوا قليلي العدد بحسب أمر الرب
في البداية اجتمع 32 ألف رجل وراء جدعون، لكن الرب قال له: «إن الشعب الذى معك كثير علىَّ لأدفع المديانيين بيدهم لئلا يفتخر علىَّ اسرائيل قائلاً يدى خلصتني» (ع2).  ووضع الرب لهم اختبارات وأوصلهم إلى 300 جندي فقط.  ولك أن تتصور من 32 ألفًا إلى 300 فقط!!
 لماذا؟ إن الدرس الروحي لنا هو أن الرب لا يريد أن نتكل على كثرة العدد أو الإمكانيات الذاتية.  إنه ينزع كل اعتماد على الذات، حتى يكون الاتكال عليه وحده، والافتخار به وحده أيضًا «لا يُسَّر بقوة الخيل.  لا يرضى بساقي الرجل.  يرضى الرب بأتقيائه بالراجين رحمته» (مزمور147: 10، 11).

2 - لا مجال للخائفين والمرتعدين
أمر الرب جدعون «نادِ في آذان الشعب قائلاً مَنْ كان خائفًا ومرتعدًا فليرجع وينصرف».  ما السبب لاستبعاد هؤلاء؟ من تثنية 20: 8 نفهم أنه لا مجال للخائفين في الحرب الروحية للتأِثير السلبى الذى يستركوه في الآخرين.  «ثم يعود العرفاء يخاطبون الشعب ويقولون مَنْ هو الرجل الخائف والضعيف القلب.  ليذهب ويرجع إلى بيته لئلا تذوب قلوب إخوته مثل قلبه».
ما أعمق الأثر الذى يتركه شاب غيور لعمل الرب في نفوس إخوته الشباب.  وعلى العكس..  كم كان لشاب عالمي كل اهتماماته أرضية، من تأثير سلبى أيضًا على إخوته الشباب.  إن القدوة أشد تأثيرًا من مجرد الكلام.

3 - لا انهماك في أمور الحياة
«قال الرب لجدعون...  انزل بهم إلى الماء فأنقيهم لك هناك...  فنزل بالشعب إلى الماء وقال الرب لجدعون كل من يلغ بلسانه من الماء كما يلغ الكلب فأوقفه وحده.  وكذا كل من جثا على ركبتيه للشرب.  وكان عدد الذين ولغوا بيدهم إلى فمهم ثلاث مئة رجل، وأما باقي الشعب جميعًا فجثوا على ركبهم لشرب الماء.  فقال الرب لجدعون بالثلاث مئة الرجل الذين ولغوا أخلصكم وأدفع المديانيين ليدك» (قض 7: 4-7).

لقد كانت طريقة شرب الماء هي الاختبار لاختيار الجنود للمعركة.  والمعنى الروحي في القصة، هو أن جندي المسيح؛ طالبًا كان أم موظفًا هدفه الأساسي في الحياة هو خدمة المسيح وإتمام رغباته.  هذا لا يعنى إهمال الدراسة للطالب أو العمل للموظف والانصراف كُلية للخدمة، لكنه يعنى أن لا يدع المسئولية الزمنية تبتلع ذهنه ووقته وطاقاته كُلية «ليس أحد وهو يتجند يرتبك (يتورط) بأعمال الحياة لكى يرضى مَنْ جنده» (2تيموثاوس2: 4).  هذا بلا شك أمر صعب ويحتاج إلى اتزان في حياة المؤمن.  وإني أعرف شبابًا ناضجين ومتفوقين دراسيًا حرصوا على تخصيص الوقت الكافي للاجتماعات والخدمة دون أن يؤثر هذا على تفوقهم.  لا شك أن الرب «يعطى حكمة للحكماء ويعلـِّم العارفين فهمًا» وهو الذى وعد «حاشا لي فإني أكرم الذين يكرمونني».
علينا أن نتمم وصية الرب «اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تُزاد لكم».

 إن الواجب الأول للجندي هو الطاعة بثبات
 والبرهان الأوضح للجندي هو احتمال المشقات  
والهدف الأسمى للجندي هو تقديم أعظم التضحيات