مرة أخرى نلتقى أيها الأحباء، لنكمل ما بدأنا من حديث عن لاهوت الابن؛ ربنا يسوع المسيح.
سردنا في العدد السابق بعض المواضع التي يتكلم فيها الكتاب المقدس عن أقنوم الابن باعتباره الله، وناقشنا معنى بنوة المسيح لله. والسؤال الذى يواجهنا الآن هو: ما هي
الأدلة على لاهوت المسيح أو بعبارة أخرى: كيف نعرف أن يسوع، الإنسان الوديع المتواضع، الذى وُلد في أرضنا فقيرًا، وتربى في أحقر مدينة، ولم يكن له موضع يسند فيه رأسه، وانتهت حياته القصيرة على الأرض بالصليب؛ كيف نعرف أنه بذاته هو الله الذى ظهر في الجسد؟
والحقيقة أن كل ما كانه وعمله وتكلم به هذا الإنسان الفريد، يثبت بكل يقين أنه هو الله الذى أخلى نفسه.
أولاً: شهادة الكتاب المقدسيشهد الكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد، للمسيح بأنه الله الظاهر في الجسد إذ:
يعطى للمسيح نفس أسماء الله
يصف المسيح بنفس صفات الله
ينسب للمسيح نفس أعمال الله
ويقدم للمسيح نفس أمجاد الله
وسوف نتناول بشيء من التفصيل، على قدر ما يتسع المكان هنا، كل بند من هذه البنود الأربعة:
1 - المسيح له الأسماء الإلهية:« الله» لقد دُعي المسيح، كما سبق وذكرنا، بصريح العبارة في الكتاب المقدس بأنه « الله»، وهاك بعض الأمثلة:
- فباعتباره الكلمة كُتب عنه « في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة
الله... والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا» (يوحنا1: 1، 14). - وباعتباره الابن « وأما عن الابن، كرسيك يا الله إلى دهر الدهور» (عبرانيين 1: 8).
- وباعتباره فادى الكنيسة « كنيسة الله التي اقتناها بدمه» (أعمال20: 28 ). ويرتبط بهذا الاسم العظيم أسماء أخرى مثل:
« الله القدير» (إشعياء 9: 6)
« الله العظيم» (تيطس2: 13 )
« إلهًا مباركًا إلى الأبد» (رومية 9: 5)
« عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا» (متى1: 32 )
« إلهى» (يوحنا20: 28 )
« يهوه» وهو اسم الجلالة في العهد القديم، وكان اليهود يحرصون كل الحرص عند النطق به، بل كانوا يقرأونه « أدوناى» بمعنى السيد. والاسم يهوه يعنى « الكائن» (خروج3: 14).
ولقد أطلق المسيح على نفسه اسم يهوه حينما قال « أنا هو».
وفى يوحنا8: 24 يقول المسيح « إن لم تؤمنوا أنى أنا هو، تموتون في خطاياكم».
وفى يوحنا 8: 28 يقول « متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو».
وأيضًا قال عن نفسه « قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن» (يوحنا 8: 58). و « الكائن» هو معنى اسم يهوه. ولقد فهم اليهود أنه ينسب لنفسه لقبًا إلهيًا، لذا رفعوا حجارة ليرجموه باعتباره قد جدف.
« ابن الله» لقد أعلن المسيح عن نفسه أنه ابن الله، وليس ابنًا من أبناء الله، لكنه « الابن الوحيد»؛ بمعنى أنه الوحيد المساوي لله، الأزلي كالله. ولقد فهم سامعوا المسيح آنذاك، أنه يقصد أنه هو الله. ولقد مدح المسيح بطرس حينما شهد عنه أنه ابن الله (متى 16: 16، 17). ويخاطب المسيح الآب بقوله « أبى». ويقول وأما عن التلاميذ فيشير إليه بالقول « أبوكم»، لكنه لا يجمع نفسه أبدًا مع تلاميذه في القول « أبونا السماوي»، وهذا للتمييز بين بنوته للآب، وهى علاقة روحية خاصة بأقانيم الله، وبين بنوة التلاميذ وسائر المؤمنين لله بالتبني.
وهناك نوعان من البنوة للمسيح، وذلك نظرًا للطبيعتين اللتين للمسيح، الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية، لكونه - له المجد - الله وإنسان في آن واحد معًا.
فالمسيح هو ابن الله منذ الأزل. كما أنه أيضًا ابن الله بولادته من المطوبة مريم، إذ لم يكن له أب بشرى.
« الرب» وهو أكثر الأسماء شيوعًا بالنسبة للمسيح، فذُكر عنه نحو 650 مرة في العهد الجديد، منها 170 مرة في الأناجيل الأربعة.
ويرتبط بهذا الاسم الكريم أسماء أخرى مثل:
« رب المجد» (1كورنثوس 2: 8، يعقوب 2: 1).
« رب الأرباب» (رؤيا 17: 14، 19: 16)
« رب الكل» (أعمال 10: 36)
« ربى» (لوقا1: 43، يوحنا20: 28، فيلبى 3: 8).
وللحديث بقية بنعمة الله، فإلى اللقاء.