تناولنا في العدد السابق في معرض حديثنا عن شهادة الكتاب المقدس للاهوت المسيح أن الكتاب يعطي للمسيح نفس أسماء الله، ويصفه بنفس صفات الله، وينسب إليه نفس أعمال الله، ويقدم للمسيح نفس أمجاد الله. وذكرنا الأسماء الإلهية وكيف أنها انطبقت على ربنا يسوع. وسوف نتناول الآن البند الثاني في حديثنا عن
الأدلة على لاهوت المسيح
2- المسيح له الصفات الإلهية
وأول هذه الصفات هي أنه:
كلى القدرة
لقد أظهر المسيح في حياته على الأرض أنه القادر على كل شيء بلا استثناء، وغنى عن البيان أن شخصاً قد امتلك السلطان والقدرة على كل شيء في الوجود لا يمكن أن يكون غير الله ذاته. فلقد أظهر المسيح سلطانه على: المرض: فقد شفى أصعب الأمراض بلمسة (متى8: 14 ،15؛ 20: 34)، وبمجرد كلمة (يوحنا5: 8)، ومن على بعد (متى8: 5 -12).
على قوى الطبيعة: مثلما هدأ العاصفة إذ «قام وانتهر الريح وقال للبحر اسكت. ابكم. فسكنت الريح وصار هدوء عظيم»، حينئذ تساءل التلاميذ فيما بينهم قائلين «من هو هذا؟ فإن الريح أيضاً والبحر يطيعانه» (مرقس4: 39 ،41).
على المخلوقات: فلقد اظهر سلطانه حتى على سمك البحر، فأمره أن يدخل شباك تلاميذه بعد أن جافاها بأمره، أيضاً، طوال الليل (يوحنا21).
على الموت: فهو الذى أقام الموتى بقوته الذاتية، بغضّ النظر عن الفترة التي قضوها في الموت، فلقد أمر لعازر الذى أنتن «هلم خارجاً فخرج الميت» (يوحنا11: 43 -44).
على الأرواح الشريرة: فهو الذى أمر الأرواح الشريرة أن تخرج من الناس، فكانت تخرج معترفة بأنها تعرفه أنه قدوس الله، ولو أنه لم يقبل شهادة من الشياطين، بل أمرها أن تخرس. (مرقس1: 23 -27، لوقا 8: 26-36؛11: 14-22).
على غفران الخطايا: فقبل أن يشفى المفلوج غفر خطاياه، وكبرهان أن له سلطان على غفران الخطايا قال للمفلوج «قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك. فقام ومضى إلى بيته» (متى9: 2 -7).
والصفة الثانية أنه:
كلى العلم
قال بطرس للمسيح «يا رب أنت تعلم كل شيء» (يوحنا 12: 16)، حينما بُهر من خلال صحبته للمسيح بمعرفته الفاحصة لكل شيء فلم يكن شيء مخفياً عنه، فلقد عرف:
أسماء الناس: فقد عرف بطرس بدون أن يخبره أحد (يوحنا 1: 42)، ونادى زكا باسمه في أول مقابلة له (لوقا 19: 5).
مكان الأشخاص: مثلما قال لنثنائيل «قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك» (يوحنا 1: 48 ).
التاريخ الماضي للأشخاص: مثلما فعل مع المرأة السامرية التي شهدت عنه «قال لي كل ما فعلت» (يو 4: 29).
تاريخ المرض للأشخاص: حتى أولئك الذين كان مرضهم سابقاً لتجسده مثل مريض بركة بيت حسدا الذى علم يسوع أن له زماناً كثيراً وكان مريضاً منذ 38 سنة (يوحنا5: 6).
عرف ما بداخل قلوب الناس وأفكارهم: فهو الذى كشف أفكار التلاميذ وقوّمها (لوقا 9: 46-47). وواجه الفريسيين بما كانوا يفكرون به في قلوبهم (لوقا5: 22).
عرف ما لا بد أن يحدث في المستقبل وأعلنه: فقد حذر بطرس مسبقاً من إنكاره له (لوقا22: 34). وأخبر التلاميذ بما سوف يصادفهم (متى21: 2 ، يوحنا16: 32). ولقد تنبأ بخراب هيكل أورشليم (متى23: 38 ؛24: 2).
ونحن نقول أن شخصاً عالماً بكل شيء لا يمكن أن يكون غير الله.
والصفة الثالثة هي:
موجود في كل مكان
وهو الذى قال «لأنه حيثما (أي في أي مكان) اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمى فهناك أكون فى وسطهم» (متى18: 20).
والصفة الرابعة أنه:
أزلي - لا بدء له
فمكتوب عن المسيح باعتباره الكلمة «فى البدء كان الكلمة» (يوحنا1: 1)، وهذا يشير إلى وجوده الأزلي، كما في نبوة ميخا «ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل» (ميخا5: 2). وكما قال هو لليهود «قبل أن يكون إبراهيم أنا كائنٌ» (يوحنا8: 58 ).
والصفة الخامسة أنه:
أبدي- لا نهاية له
فقد قال لتلاميذه «وها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر» (متى28: 20). وهو القائل في سفر الرؤيا «أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الكائن والذى كان والذى يأتى القادر على كل شىء» (رؤيا1: 8).
والصفة السادسة أنه:
عديم التغير
فهو الذى يُكتب عنه في الرسالة إلى العبرانيين «وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور... وأنت يا رب في البدء أسست الأرض والسماوات هي عمل يديك، هي تبيد ولكن أنت تبقى، وكلها كثوب تبلى وكرداء تطويها فتتغير، ولكن أنت أنت وسنوك لن تفنى» (عبرانيين1: 8 ،12). وأيضاً «يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد» (عبرانيين31: 8). وأخيراً نقول أن شخصاً بهذه الصفات الإلهية من يكون سوى الله متجسداً، أو كما يقول الكتاب «الله (الذى) ظهر في الجسد» (1تيموثاوس 3: 16)