سيكون لنا بداية من هذا العدد جولة لدراسة جسم الإنسان، لنتأمل في عظمة خليقة الله وروعة صنعه، تلك الخليقة التي جعلت داود النبي في العهد القديم، قبل الميلاد بنحو ألف عام، يقول «أحمدك لأنك صنعتنى بإعجازك المدهش» (مزمور139: 14 الترجمة التفسيرية). والتي جعلت فيلسوفاً مسيحياً قديماً، هو القديس أغسطينوس، في القرن الخامس الميلادي يقول "الإنسان يخرج إلى الخارج ليتأمل في قمم الجبال العالية، وفى البحر الثائر الذاخر، وفى منابع الأنهار الطويلة، وفى اتساع المحيطات اللامحدود، وفى حركة الأفلاك الدائبة المنتظمة، لكنهم يهملون التأمل في داخل نفوسهم بتعجب"! كما جعلت عالماً عبقرياً فذّاً هو إسحاق نيوتن يقول "لو لم يكن لدىَّ من الأدلة على وجود الله سوى إبهام يدى فقط، لما ترددت في أن أؤمن به".
ولنبدأ موسوعتنا العلمية الروحية عن جسم الإنسان بهذا العضو العظيم جداً وهو:
الأذن
أهمية الأذن
عن طريق الحواس الخمس يمكن للإنسان الاتصال بالعالم الخارجي. والأذن مسئولة عن واحدة من أهم الحواس الخمسة في الإنسان أعنى بها حاسة السمع، وهى مع النظر تعتبر من أهم الحواس، وخسارة أي منهما تكون كارثة حقيقية للإنسان، تعيقه عن الاتصال بالعالم الخارجي. وبينما أنت لا ترى بعينك إلا ما لا تحجبك عنه حواجز، فإنك بأذنيك تسمع أصواتاً صادرة من مصادر قد يكون بعضها غير مرئي لك.
فائدة الأذن
الفائدة الأساسية للأذن هي أنها عضو السمع في الإنسان. لكن هناك فائدة أخرى للأذن وهى أنها مسئولة عن الاتزان في الإنسان عن طريق قناة استاكيوس التي توصِّل الأذن الوسطى بالزور. وهذه عملها أن تعادل الضغط الجوي في داخل وخارج الأذن. وأحياناً يحس راكب الطائرة أو متسلق للجبال العالية ببعض الآلام في أذنه نتيجة عدم تعادل الضغط خارج الأذن وداخلها.
مكونات الأذن
تنقسم الأذن إلى ثلاث أقسام: الأذن الخارجية والمتوسطة والداخلية. الأذن الخارجية هي العضو المتدلي على جانبي الرأس، وهى تقوم بجمع الذبذبات وتوصيلها إلى الأذن الوسطى، وهذه توجد بداخل الرأس ولا تُرى بالعين. وتوجد بالأذن الخارجية قناة توصيل للأذن الوسطى تسمى القناة السمعية، وتنتهى هذه القناة بغشاء، عبارة عن جلدة رفيعة محكمة الشد مثل الطبلة، ولهذا يسمى بطبلة الأذن. وتنتقل اهتزازات الطبلة في الأذن الوسطى بواسطة عظميات ثلاث، هي أصغر العظام في جسم الإنسان: وتسمى المطرقة والسندان والركاب (ولقد سميت كذلك نظراً لأشكالها)، إلى عضو يشبه الحلزون يسمى بالقوقعة التي في الأذن الداخلية، وهى تعتبر العضو الحقيقي للسمع، إذ أنها مليئة بسائل وبنهايات عصبية، تنقل هذه الذبذبات إلى المراكز السمعية في المخ الذى يقوم بترجمتها.
كيف يسمع الإنسان؟
كل الأصوات تحدث نتيجة ذبذبات. وعندما تصل الذبذبات إلى الأذن فإنها تحرك طبلة الأذن. وتحوِّل الأذن الأصوات التي تصل إليها إلى إشارات كهربائية، يحملها العصب السمعي الذى بدوره يحتوى على خلايا حساسة ترسل إشاراتها إلى المخ. وكل خلايا معينة تتجاوب مع صوت معين ويترجم المخ ذلك. والإنسان عن طريق المخ يترجم الأصوات. فهو ليس فقط بقادر أن يحدد مصدر الصوت، وأن يحدد طبقته، بل إنه يميز بين الأصوات، ويطرب أو ينزعج حسب نوع الصوت. ولقد اختبرنا ذلك مرات بلا حصر ونحن نستمع إلى من يحدثنا في التليفون، وإذا بنا نميز صوته فوراً ونعرف المتكلم قبل أن يفصح عن شخصيته. ولا شك أن أجمل الأصوات بالنسبة للطفل هو صوت والديه، وللخروف صوت راعيه؛ وللمؤمن صوت فاديه.
سرعة الصوت
سرعة الصوت حوالى 333 متراً في الثانية (أي حوالى 1200 كيلومتر في الساعة). ومع أن هذه السرعة كبيرة لكنها أقل كثيراً من سرعة الضوء، وهذا يفسر لنا لماذا نرى أحيانا وميض الانفجار قبل أن نسمع صوته بفترة زمنية محسوسة، وأيضا نرى البرق وبعد فترة زمنية نستمع لقصف الرعد. لكن من الناحية الروحية من الضروري قبل أن نتكلم عن المسيح أن نظهره أولاً في حياتنا، فالناس يرون أسرع بكثير مما يسمعون.
ولحديثنا عن الأذن بقية نستكملها العدد القادم، بمشيئة الرب... فإلى اللقاء