الناظر و الدفتر الأسود

 لناظر إحدى المدارس نظام خاص لعقاب التلاميذ المشاكسين، إذ يسجل الأخطاء في دفتر أسود كبير الصفحات، وأمام كل خطأ العقوبة التي يراها مناسبة.   يأتي الناظر في طابور الصباح فيرتجف الطلاب، وتعلو صدورهم وتهبط، فربما أخطأ أحدهم سهواً أو دون قصد، فالناظر لا يترك شيئاً إلا ويسجله بكل دقة في دفتره.

يقترب الناظر من الميكروفون، ويفتح الدفتر، تحتبس الأنفاس حتى ينتهي الناظر من مناداة الطلاب المُعَاقَبين، ثم يذهب بهم إلى حجرة الحبس المظلمة، ليقضي كل منهم ساعات الحبس المقررة.

لكن شيئاً واحداً جميلاً يحدث في نهاية العام الدراسي، إذ يجمع الناظر طلاب المدرسة ويُجلسهم في دائرة وفي وسطها جمرات من الفحم المتوهج.  وفي إحدى فقرات هذا الحفل يأتي الناظر وتحت ذراعه دفتر العقوبات الأسود، فيفزع الطلاب وينزعجون.  وبخطوات ثقيلة وبطيئة، وفي صمت شديد، يقترب الناظر من النار المشتعلة، ويمسك بكلتا يديه بالدفتر، ويمزقه ويحرقه.  ولأول مرة يبتسم الناظر ثم يقول للطلاب:  "أبنائي الأعزاء هذه أخطاؤكم، لقد طرحتها في النار وسامحتكم جميعاً".  فيفرح الطلاب ويبتهجون، ولناظرهم المحبوب يصفقون ويهتفون.

صديقي..   ألا تريد أن تنهي عامك الدراسي بهذه النهاية السعيدة، فقد تكون قد حققت نجاحاً وتفوقاً، وهذا حسن، ولكنه لا يكفي...  فبدون غفران لا يمكن الحصول على السلام مع الله.  لذلك تعالَ بخطاياك لمسيح فهو وحده الذي:

يغسلك من خطاياك بدمه (رؤيا1: 5)
ويطهرك منها: «دم يسوع المسيح ...  يطهرنا من كل خطية» (1يوحنا1: 7)
ويطرحها في أعماق البحر (ميخا7: 19)
ويبعدها عنك «كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا» (مزمور103: 12)
ولا يعود يراها «طرحت وراء ظهرك كل خطاياي» (إشعياء38: 17)
ويمحوها «قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك» (إشعياء44: 22)
ولن يذكرها «لن أذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد» (عبرانيين10: 17)

صديقي العزيز:
أرجو أن لا تنسى هذه الحقيقة أن الناظر لم يكلفه أمر المسامحة سوى طرح دفتر الأخطاء في النار.  أما المسيح الفادي فقد حَمَل أخطاءنا ودخل بها إلى نار الدينونة وأكمل العمل... اسمعه وهو يقول بروح النبوة «أمَا إليكم يا جميع عابري الطريق؟  تطلعوا وانظروا إن كان حزنٌ مثل حزني الذي صُنع بي، الذي أذلني به الرب يوم حمو غضبه؟  من العلاء أرسل ناراً إلى عظامي فسرت فيها» (مراثي1: 12 ،13)

وأخيراً أسألك: أين ستذهب بخطاياك، إن لم تأت للمسيح الغافر؟!