يوماً.. عند الصليب

«بعد 10 أيام ليلة رأس السنة، حيث ينتهي عام 1974 ويبدأ عام1975.  كم أشتاق أن أكون مع الإخوة المؤمنين في اجتماع الكنيسة في هذه الليلة».  هكذا كان المجند چورچ مكرم يتمنى ويشتاق أن يكون مع إخوته المؤمنين في الإسكندرية ليلة رأس السنة، ليشكروا الرب على مراحمه طوال العام الذي مضى.  ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. فلقد وصل أمر عسكري بمنع الإجازات خلال هذه الفترة، وحتى بداية العام الجديد، نظراً لظروف الطوارئ في هذا الوقت.

تلقى چورچ الخبر بحزن في البداية، ولكنه سريعاً ما تذكَّر الآية المحببة لقلبه «ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله» (رومية8: 28)، وأيضاً آيته المفضِّلة في الضيق «ويقودك من وجه الضيق إلى رحب لا حصر فيه (أيوب36: 16).  وقال في نفسه: "بِغَضّ النظر عن المكان سأتذكر إحسانات الرب لي طوال السنة الماضية، سيظل قلبي مرفوعاً بالحمد والتسبيح له". وفي ليلة 30/12 كان چورچ في أحد الملاجئ العسكرية الضيقة تحت سطح الأرض.. وهناك فاض قلبه وهو يتذكر إحسانات الرب عليه طول السنين الماضية، ويقول لنفسه مع داود «باركي يا نفسي الرب وكل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس.  باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته» (مزمور 103: 1 ،2).  وتذكَّر المصلوب الذي يوماً مات لأجله بديلاً عنه، وفي يوم آخر أعلن له عن هذه المحبة الرائعة عند الصليب عندما تقابل معه، وكيف أحسن إليه ورافقه طول السنين «كللت السنة بجودك وآثارك تقطر دسماً» (مزمور65: 11).  وبينما هو في الملجأ العميق تحت الأرض وجد نفسه يكتب تلك الترنيمة الحلوة، التي ما زلنا نترنم بها، والتي يقول مطلعها:    

                        لا أنسى أياماً مضت في حبها

                                          كللتها يا سيدي بجودك

                        خطاي تشهد لك

                                          أيامي تحكي حبك.. يا سيدي

وياللعجب، فبعد أن انتهي من كتابتها مباشرة سمع صوتاً يناديه: چورچ، القائد يطلبك.

أسرع إلى مكتب القائد، الذي قال له: «أمر عسكري يا چورچ، مطلوب منك النزول فوراً إلى الإسكندرية، وهذه إجازة 30 يوماً لتتميم المأمورية».  قال چورچ للقائد «تمام يا افندم» وكان قلبه يخفق فرحاً ولا سيما من العبارة الأخيرة التي قالها له القائد «يمكنك أن تذهب إلى بيتك أو إلى أي مكان تريده بعد الانتهاء من المأمورية».  والأعجب من ذلك أن المأمورية لم تستغرق أكثر من ساعتين في صباح يوم31/12، وفي المساء كان في الاجتماع يحتفل مع إخوته المؤمنين بنهاية العام وهو يترنم:    

                  لا أنسى يوماً سيدي عند الصليب

                                    أعلنت لي عن حبك أيا حبيب

                  من يومها أنا سعيد

                                    إذ حبك ربي مجيد.. يا سيدي

وظل طوال هذا الشهر، بل وكل العمر يشهد بمحبة الرب له. فهل تتذكر إحسانات الرب معك، وتعطيه كل حياتك مصلياً معي ونحن في بداية عام جديد.  

صلاة:

كل أيامي كللتها بجودك.. كل خطواتي تزينها آثارك.. يا من بصليبك وعمق جراحك أعلنت لي حبك وصدق حنانك.. أهديك حياتي في انتظار مجيئك.. آمين.