بينما كان المُرسل الشاب يقوم بتوزيع كتاب العهد الجديد في أحد الميادين الكُبرى بمدينة لندن، وإذ بأحدهم يقترب منه وينتهره قائلاً له: أ هذه أناجيل؟
فأجابه المُرسل: نعم هي كذلك. فقال له صاحبنا: مزِّقها، وألقِها في هذا السلّ (وأشار بيده إلى سلة للمهملات).
وبهدوء شديد أجاب الخادم: ما الذي أغضبك أو أعثرك من الإنجيل؟
فقال الآخر: قلت لك مزِّقها.
لماذا أمزِّقها؟ إنها كلمة الله. هكذا أجاب خادم الإنجيل.
ثم عاد وسأل: هل أنت تعمل بما جاء في الإنجيل؟ فأجاب الخادم: بمعونة الرب أحاول أن أعمل بما جاء فيه.
فقال: مكتوب في إنجيلكم «.. مَنْ لطمك على خدك الأيمن فحوِّل له الآخر أيضاً». فإذا لطمتك الآن على خدك الأيمن، فهل ستحوِّل لي الآخر؟
فأجابه المُرسل قائلاً: أنا لن أقول لك الطمني، ولكن إن حدث وسمح لي الرب ووضعني في هذا الامتحان، فإنه سيمنحني نعمة كافية لأسامحك.
فقال له: إن الدم يغلي في عروقي. لا تثيرني فأنا جادّ الكلام.
فقال المُرسل: وأنا قلت لك ردّي. وفي لمح البصر لطم صاحبنا الخادم لطمة قوية وسريعة (طبعاً ليست على خده اليمين)، تركت اللطمة آثارها في وجهه ..
مرّت اللحظات ثقيلة كالدهر. مرر الخادم يده على وجهه، ثم ابتسم بعدها ابتسامة هادئة، سطعت كالشمس، فأزالت الغيوم والضباب، وقال له: لقد سامحتك!
ارتعش صاحبنا، وتصبب وجهه عرقاً واحمرّ، وبصوت أسيف منخفض قال للخادم: أنا متأسف. وهاك وجهي، الطمني مثل ما لطمتك.
وبأدب جم، أجاب الخادم: لقد سامحتك فعلاً، ومن كل قلبي.
أجاب: أرجوك الطمني .. لقد فَلَتَ الزمام من يدي، واضطَرَبَت أعصابي. أرجوك ارفع يدك.
وفعلاً رفع الخادم كلتا يديه، وضمه إلى صدره، وأشفق عليه وقبَّله.
فأجاب المتعثر من الإنجيل: مرة أخرى أقول سامحني .. ولي طلب، وعندي سؤال: وطلبي هو: أ تسمح لي بنسخة من الإنجيل؟
أما سؤالي: فلماذا المسيح دون غيره؟
صديقي وصديقتي .. على صفحات مجلتنا، ستجد الإجابة على هذا السؤال: لماذا ينبغي الإيمان بالمسيح وحده؟
لقد أجاب واحد من مُحبي المسيح ومُريديه بالقول:
إن المسيح أشبع كل أشواق النفس، ورغبات قلبي .. لقد أزال شكوكي ومخاوفي. إنه أقوى من الأقوى، وأطهر من الأطهر، وأجمل من الأجمل، وأعلى من الأعلى.. لقد مات لأجلي، وقام، وهو حي الآن في السماء لأجلي.
إني لا أحتاج إلى مخلِّص سواه. إني مُكتفٍ. وإني أومن به لأنه مسيح الكتاب بعهديه القديم والجديد. فإني أراه في ذبيحة هابيل، وأراه في فلك نوح الذي تحمَّل الدينونة، وأراه في إسحق المربوط فوق المذبح، بل وأراه في الحية النحاسية التي كل من لُدِغ ونظر إليها يحيا.
لقد رآه إبراهيم ففرح، وعرفه أيوب وقال: «قد علمت أن وليّي (فاديَّ) حي» (أيوب19: 25). فالمسيح يا صديقي هو:
(1) مانح الغفران
(2) نبع الحنان
(3) المُحرر من الذُل والهوان
(4) الخالق وكل شيء به كان
(5) قاهر الشيطان
(6) الذي غلب الموت وقام
(7) هو وحده الديان
صديقي .. صديقتي .. تخسر كثيراً إذا كنت لم تتطلع على سِيَر العظماء. ولكنك ستخسر الأبدية إذا لم تؤمن بالمسيح. (يتبع)