بعد أن استعرضنا في ما سبق بعض سلبيات الطفولة، لا شك أنه قد تولَّد في أعماقنا الرغبة في عبور هذه المرحلة والقفز إلى مرحلة النضوج. وهذه رغبة قلب الرب: أن يرانا ننمو مع الأيام ونتغير إلى الأفضل روحياً. ولكن يجب أن نعرف أنه لا توجد قفزات في النمو الروحي، وإنما هو نمو تدريجي ببطء وثبات.
كانت حنة أمّ صموئيل تعمل له جُبة صغيرة وتُصعِدها له وهو صبي صغير في شيلوه. وكانت تتوقع نمواً طبيعياً من سنة إلى سنة، تأخذه في الاعتبار وهي تعمل له الجُبة. وكم كانت تفرح به وهي تراه ينمو ويكبر بشكل ملحوظ، ليس إنسانياً فقط بل روحياً أيضاً.
لقد «كبر الصبي صموئيل عند الرب». وكان «يتزايد نمواً وصلاحاً لدى الرب والناس أيضاً» (1صموئيل 2: 21 ،26).
والسؤال الآن هو هل ننمو نحن في علاقتنا بالرب من سنة إلى سنة؟ هل ننمو في المعرفة الكتابية، والشركة، والتكريس، والمحبة، والخدمة، والطاعة، والقداسة؟ هل أذهاننا تتجدد مع الأيام، وبالتالي نتغير لنُصبح مُشابهين صورة المسيح في صفاته؟
كلنا نعرف أن الجسد بفعل الطعام المناسب وتحت تأثير الهواء والجو النقي والرياضة، ينمو ويتقوى ويقوم بوظائفه. وهذا صحيح أيضاً بالنسبة للنفس الخالدة في المجال الروحي. ولو كانت صحتنا الجسدية تنمو بقدر نمو صحتنا الروحية، لكُنّا نرى الأمراض تسود على غالبيتنا. لأنه ما أكثر الاهتمام بأجسادنا بينما نهمل نفوسنا وحالتنا الروحية. وكم من جسم كبير يُغلِف نفساً ضعيفة ومريضة وهزيلة روحياً.
وقبل أن يكون هناك نمو، يجب أن تكون هناك حياة. قد تُزيّن شجرة ميتة وتجمّلها، لكنها لا يمكن أن تنمو وتُثمر ما لم تصل إليها الحياة.
قال الرب يسوع لتلاميذه «تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو؟» (متى 6: 28). إن النمو هو عمل الطبيعة الصامت عندما تتحقق الظروف المناسبة والمناخ المناسب. وذات الشيء في المجال الروحي. والعوامل التي يجب توافرها لكي ينمو النبات هي:
1- الأرض الجيدة
2- الغذاء المناسب
3- الهواء والجو النقي
1- الأرض الجيدة
أشار الرب يسوع في مَثَل الزارع إلى أربعة أنواع من التربة (متى 13: 3-9). فبينما كان الزارع يلقي البذار، سقط بعض على الطريق، وسقط آخر على الأماكن المُحجرة، وآخر على الشوك، والأخير على الأرض الجيدة. وقد أوضح الرب في هذا المَثَل أن البذار هي كلمة الله. والزارع هو الرب نفسه أو الكارز أو الخادم الذي يقدم الكلمة للنفوس. والأرض التي أُلقيت عليها البذار تمثل قلوب الناس التي تسمع الكلمة. وهي تختلف بحسب الاستعداد الشخصي. ولكل نوع من التربة خواص تميزه؛ وهذا موضوع حديثنا في العدد القام بمشيئة الرب.