إنه بحق كتاب الكتب، الفريد المختلف عن كل ما عداه، الذى لا شبيه له.
كتب الأستاذ "مونتيرو وليامز"، بعدما قضى 42 سنة يدرس الكتب الشرقية، وعقد مقارنة بينها وبين الكتاب المقدس: «كوِّم هذه الكتب على جانب مكتبك الأيسر، إذا شئت، ولكن ضع كتابك المقدس على الجانب الأيمن، وحده بمفرده، وبينه وبينها مسافة؛ فهناك فعلاً مسافة كبيرة تفصل هذا الكتاب الواحد عنها فصلاً كاملاً للأبد. إنها مسافة حقيقية، لا يمكن أن يُقام بينهما جسر من أي نوع، سواء كان علمياً أو روحياً».
فالكتاب المقدس هو الوحيد الذي يستطيع أن يجيب على أسئلة مثل: من أنا؟ من أين أتيت؟ ولماذا أنا هنا؟ وإلى أين أمضي؟ هذه الأسئلة التى سألها الإنسان في الماضي، وسوف يسألها طالما هناك حياة على الأرض.
قال إبراهام لنكولن: «إن الكتاب المقدس لهو أعظم العطايا التي أعطاها الله للإنسان، إن كل الصلاح من مخلِّص العالم يصل إلينا من خلال هذا الكتاب».
ولا عجب أن الكتاب المقدس يوصف بالتفرد، فهو أفكار الله وأقواله، بل إنه أنفاس الله أيضاً. ولذا فهو ليس كتاباً ميتاً كباقي الكتب، ولكنه حي «لأن كلمة الله حية وفعالة» (عبرانيين4: 21).
ويجدر بنا أن نستعرض معاً بعض نواحي العجب والتفرد فيه، فهو فريد في:
* ترابطه ووحدته
* تعاليمه
* بقائه وصموده
* ترجماته
* توزيعه
* تأثيره وسلطانه
أولاً: الكتاب فريد في وحدته وترابطه
* فقد كُتب في فترة نحو 1600 عام، وهي أطول فترة كتابة استغرقها كتاب علي الأرض، فترة أكثر من 60 جيل، من موسى كاتب التكوين حتى يوحنا كاتب الرؤيا.
* كتبه أكثر من أربعين كاتباً، من شتى دروب الحياة، منهم: موسى القائد الذي تهذب بكل حكمة المصريين، ويشوع القائد العسكري، وعاموس راعي الغنم، وبطرس الصياد، ودانيآل رئيس الوزراء، وسليمان الملك، ولوقا الطبيب، ومتى محصِّل الضرائب، وبولس الفيلسوف.
* وقد كُتب في أماكن مختلفة، في ثلاث قارات: كتب موسى في البرية، وإرميا في جب السجن، ويوحنا في جزيرة بطمس، ولوقا وهو مسافر.
* وكُتب في أزمنة مختلفة: كتب داود في وقت الحرب، وسليمان في وقت السِلْم.
* كُتب في أحوال نفسية مختلفة: فقد كتب البعض في قمة أفراحهم، وآخرون في عمق أساهم و فشلهم.
* وكُتب بثلاث لغات: العبرية وهي لغة العهد القديم، والأرامية وقد كانت شائعة في الشرق الأوسط، واليونانية لغة العهد الجديد، وهي اللغة العالمية الشائعة في زمن المسيح.
ولكن علي الرغم من كل ما تقدم إلا أن الكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد، وبأسفاره الستة والستين، هو كتاب واحد. وقد كتب جميع الكُتّاب في تناغم واتفاق، بترابط كامل واتفاق عجيب؛ حتي أن أي جزء من الكتاب يمكن فهمه في نور ارتباطه بالأجزاء الأخرى.
فمثلا نقرأ في سفر التكوين الأصحاح الثالث عن النتائج المرة والمحزنة لدخول الخطية، من وجع وتعب، من لعنة وموت؛ وتخبرنا الأناجيل كيف أن ربنا يسوع المسيح قد احتمل في جسمه كل نتائج الخطية لكي يرفعها عنا، لكن سفر الرؤيا 21 ،22 يخبرنا أن نفس هذه النتائج ستُرفع نهائياً من المشهد. ولا عجب في أن ما يربط أجزاء الكتاب المقدس، في عهديه القديم والجديد، وفي كل أسفاره، هو المسيح، سواء في شخصه أو عمله، حيث نراه في كل الكتاب، تارة بالصور والرموز، وتارة في النبوات الكثيرة عنه، ثم نراه في الأناجيل كمن تحققت فيه كل الرموز والنبوات، والتي تحققت حرفياً بصورة مذهلة في مجيئه الأول، وسوف تتحقق حتماً في مجيئه الثاني.
قال هنرى مارتن: «الكتاب المقدس يشبه قصراً بناه كثيرون، لكن الذي وضع تصميمه شخص واحد».
اقرأ لأشخاص من نفس العصر، ومن نفس العمر، والخلفية، والحضارة واللغة، كتبوا في نفس الموضوع؛ ولسوف ترى مقدار التباين الشديد بينهم في الآراء والحكم.
ولكن اقرأ الكتاب المقدس لتكتشف الوحدة الرائعة والتناغم فيه. خذ كتاباً كُتب من مئة أو مئتين سنة فقط، وحاول أن تقرأه اليوم؛ ولسوف تتملكك الدهشة.
ولكن اقرأ الكتاب المقدس الذي كملت كتابته من نحو 1900 سنة، ولسوف تجده كله جديداً، مناسباً لكل أحوالك وظروفك، وسوف تكتشف أنه كلمة الله لك في يومك الجديد. وإن كانت كل كلمة تقوم علي فم شاهدين أو أكثر، فكل حق متضمن في الكتاب المقدس يشهد الكثير من الشهود، هم كتاب الوحي الذين قيل فيهم: «تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس» (2بطرس1: 21).