لا نقرأ في الكتاب المقدس مُطلقًا أن الرب يسوع هو «ولد الله» لكن نقرأ كثيرًا أنه «ابن الله»
1 - الآب قال عنه ذلك عندما أقبل على ربنا يسوع المسيح صوت من المجد الأسنى «هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سُررت به» (بطرس الثانية 1: 17). وقد ورد هذا التعبير في العهد الجديد 7 مرات.
2- الروح القدس شهد عنه بذلك في إنجيل مرقس 1: 1.
3 - هو قال عن نفسه ذلك أكثر من مرة: مثال ذلك عندما قال للمولود أعمى بعد أن فتح الرب عينيه ووجده خارج المجمع «أتؤمن بابن الله» (يوحنا 9: 35).
4 - الملاك جبرائيل في كلامه للمطوبة مريم العذراء عندما قال لها «الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تُظللك فلذلك القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله» (لوقا 1: 35).
5 - الشياطين عرفته أنه ابن الله العلي لذلك جعلوا المجنون يصرخ بصوت عـظيم «ما لي ولكَ يا يسوع ابن الله العلي» (مرقس 5: 7).
6 - التلاميذ أقروا أنه ابن الله: بطرس قال له «أنت المسيح ابن الله الحي» (متى 16: 16).
ويوحنا المعمدان قال «وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله» (يوحنا 1: 34) ومرثا قالت له «أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم» (يوحنا 11: 27).
7 - قائد المئة والذين معه صرَّحوا عند الصليب عندما رأوا الزلزلة قائلين «حقًا كان هذا ابن الله» (متي 27: 54).
ومن الضروري أن نوضح أن هناك فرقًا بين التعبيرين «ولد الله ؛ ابن الله» فالتعبير الأول يعني التناسل والولادة. أما التعبير الثاني فيقصد به المركز أو المقام مثل المدرس في المدرسة عندما يفتخر بأحد تلاميذه بقوله عنه أنه ابنه دون أن يكون مولودًا منه.
وبالتالي يجب أن نعرف أننا عندما نقول أن المسيح هو «ابن الله» لا نعني بذلك أن هناك تزواجًا، لأن «الله روح» (يوحنا 4: 24). ولا يعني أن الآب أسبق من الابن (تذكَّر الآية الواردة في إشعياء 48: 16).
ولكن ما معني أن المسيح «ابن الله»؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول أنه عندما يُذكر أمامنا أن المسيح «ابن الله» أو عندما نقرأ ذلك يجب أن نتذكر الآتي :
(1) أنه توجد محبة أزلية عميقة جدًا وقوية للغاية بين الابن والآب حيث نقرأ في يوحنا 3: 35 «الآب يحب الابن». وقال الرب يسوع في يوحنا 14: 31 «إني أحب الآب» ومَنْ منا يستطيع أن يتصور عُظم هذه المحبة؟ وما يملأ قلوبنا بالفرح أنه كما يحب الآب الابن هكذا يحبنا الآب وكما يحب الابن الآب هكذا يحبنا الابن .
(2) أنه توجد مساواة تامة بين الآب والابن، واليهود طلبوا أن يقتلوا الرب يسوع لأنه قال «إن الله أبوه» مُعادلاً نفسه ومساويًا نفسه بالله (إقرأ يوحنا 5: 18). ولاحظ هذه المساواة من الآيات التالية والتي قالها الرب يسوع عندما كان بالجسد في أرضنا .
أ - لأنه كما أن الآب يُقيم الأموات ويُحيى كذلك الابن أيضاً يُحيي مَنْ يشاء» (يوحنا5 : 21).
ب - لكى يُكرم الجميع الابن كما يُكرمون الآب (يوحنا 5: 23).
ج - «الذي يقبلني يقبل الذي أرسلني» (يوحنا 13: 20).
د - «الذي يرذلني يرذل الذي أرسلني» (لوقا 10: 16)
هـ - «كل ما للآب هو لي» (يوحنا 16: 15).
(3) أنه توجد مُشابهة تامة بين الآب والابن فقد قال الرب يسوع في يوحنا 12: 45 «الذي يراني يرى الذي أرسلني». وعندما سأل فيلبس الرب يسوع قائلاً ياسيد أرنا الآب وكفانا قال له الرب يسوع «أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد رأى الآب. فكيف تقول أنت أرِنا الآب» (يوحنا 14: 9).
صديقي .. إذا كنت إلى الآن تشك في أنه ابن الله أو الله الظاهر في الجسد فعليك أن تتأمل في معجزاته وكلماته فستجده كُلي القدرة وكُلي العِلم، وإذا تأملت في ما كُتب عنه في الكتاب المقدس ستجده الخالق (لاحظ ذلك في يوحنا1 ؛ كولوسى1؛ عبرانيين1).
وستجده «حامل كل الأشياء بكلمة قدرته» (عبرانيين 1: 3) وستجده غافر الخطايا (مرقس 2: 5 ؛ لوقا 7: 48)...
صديقي .. عندما نتأمل في الرب يسوع ابن الله قبل الأزمنة سنجده قبل كل شيء (كولوسى 1: 17).
وعندما نتأمله في بداية الأزمنة نجده خالق كل شيء (يوحنا 1: 3).
وعندما نتأمله خلال كل الأزمنة نجده بكلمة قدرته حامل كل شيء (عبرانيين 1: 3)
وعندما نتأمله في نهاية الأزمنة نجده وارثًا لكل شيء (عبرانيين 1: 2).
والآن تعالوا بنا إلى آية جاءت في الكتاب المقدس 4 مرات «أنت ابني أنا اليوم ولدتك» (مزمور 2: 7 ؛ أعمال الرسل 13: 33؛ عبرانيين 1: 5، 5: 5) لنحاول فهم معناها. ومن قراءتنا لهذه الشواهد نفهم أن الله لم يَقُل هذا الكلام لأي واحد من الملائكة، ومع أن الملائكة دُعوا«أبناء الله»أيوب 38: 7 والناس أيضاً دُعوا أبناء الله أو ذرية الله (أعمال الرسل 17: 29) وذلك لأن الله خلقهم. فالملائكة خلقهم الله أرواحًا عاقلة والناس أيضًا لهم أرواح عاقلة ولذلك فالله هو «أبي الأرواح»(عبرانيين 12: 9) لكن الله لم يَقُل لأي منهم «أنت ابني».
فبنوة المسيح بنوة فريدة أزلية بلا ولادة، ويجب أن نلاحظ الترتيب الإلهي الحكيم فقبل أن يقول الله لابنه «أنا اليوم ولدتك» يقول له «أنت ابني» أي أنت ابني الأزلي الأبدي، وكلمة اليوم تنقلنا من الأزل إلى الزمن، فالآب يخاطب الابن وهو مولود من العذراء قائلاً «ولدتك» وهنا نجد الإشارة إلى التجسد. ونتذكر كلمات الملاك لمريم العذراء «القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله» (لوقا 1: 35).
نستنتج مما سبق أن هناك نوعين من البنوة للمسيح وذلك للطبيعتين اللتين للمسيح- الطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية. فالمسيح هو ابن الله من الأزل وأيضًا هو ابن الله بالولادة من العذراء مريم إذ لم يكن له أب بشري حيث أن الذي هيأ جسد المسيح في بطن العذراء هو الله. فالمسيح عند دخوله إلى العالم قال لله «هيأت لي جسدًا» (عبرانيين 10: 5).