من وجهك أين أهرب؟

مؤلف ألماني، اسمه "پيتر"، ذكر أنه في طفولته، كان والده قاسيًا، وكان يؤدِّبه هو واخوته بانتظام.  فكان أولاده يخافون منه ويرهبونه، لذلك كانت العلاقة الأبوية الحانية بينه وبينهم مفقودة.

وفي أحد الأيام، بينما كان پيتر يلعب في البيت، سقطت منه بعض الأشياء الخاصة بأبيه، فانكسرت.  فخاف جدًا، وجرى مرتعدًا باحثًا عن مكان يختبئ فيه ليتجنب غضب أبيه، فوجد ساعة خشبية قديمة كانت لجدِّه، ففتحها واختبأ بداخلها.

ومن خلال ثقب المفتاح استطاع أن يراقب والده وهو ينادي عليه بغضب، وأن يسمع كلماته الغاضبة وهو يأمر الخدام أن يبحثوا عنه، وأن يأتوا به إليه ليعاقبه.  وطبعًا رجعوا كلهم دون أن يجدوه.

ومضى الوقت والأب يتساءل: هل حدثت للطفل حادثة أثناء هربه؟  وظل الأب بمفرده جالسًا منزعجًا ومكتبئًا، بينما كان پيتر يراه من مخبئه.

لم يستطع الطفل أن يصدِّق عينيه عندما رأى أباه وهو يغطي عينيه بيديه ويبكي بحرقة على ابنه.  ولم يستطع پيتر أن يظل في مكانه، بل دفع الباب الخشبي الصغير، وبدموع غزيرة ألقى بنفسه بين ذراعي أبيه.

وقال پيتر فيما بعد: إن فكرة "أبي يحبني" قد طرحت بعيدًا مخاوفي من العقاب.  ولم أنسَ ما حدث في ذلك اليوم طوال حياتي.
 صديقي..

رغم انحدار حالة الابن الضال في الكورة البعيدة (لوقا 15: 11-24)، إلا أنه استمر هناك فترة أطول.  لماذا؟  ربما لأنه استمر هناك خائفًا من غضب أبيه، بعد أن بدّد كل شيء.  ولكنه عند رجوعه «رآه أبوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبّله».

لا تخف منه إذًا، بل هيا إليه الآن، فهو لا يصنع معنا حسب خطايانا ولا يجازينا حسب آثامنا (مزمور103 :10)؛ وإنه يَقبَل ويُقبِّل كل من يُقبِل إليه.