عندما بدأت السفينة الايرلندية العملاقة، «الإمبراطورة»، في الغرق عام 1914، تأكد ربانها من أن أطواق النجاة تنقص بمقدار 129 طوقاً عن عدد الركاب، كان معنى ذلك أن 129 من الركاب لن يتمكنوا من النجاة. ولما عرف الركاب ذلك تعالت صرخاتهم أعلى من الأمواج الصاخبة التي كانت تفتح فاها بشراهة لابتلاع الغرقى في دوماتها.
كان على كابتن السفينة أن يلقي قرعة ليحدِّد مَنْ مِنَ الركاب لن يكون من نصيبه طوق نجاة. ولكن قبل أن يفعل ذلك تنازل 921 من الركاب، طوعاً، عن أطواق نجاتهم لركاب آخرين، ليبقوا هم بدون أطواق نجاة، وهم يقولون لباقي الركاب: “نحن نعلم أننا إن غرقنا الآن سنتقابل في سلام مع الرب يسوع، في نفس اللحظة التي نغادر فيها هذه الحياة، لأننا قد حصلنا على تأشيرة دخول السماء والحياة الأبدية من قَبل، إذ آمنا بالرب يسوع المسيح الذي مات بدل كلٍّ منا، ونؤمن بما قاله: «أنا هو القيامة والحياة، مَنْ آمن بي ولو مات فسيحيا» (يوحنا11: 25). ونؤمن بأن مخلِّصنا يسوع المسيح أبطل الموت وأنار لنا الحياة الخلود بواسطة الإنجيل (2تيموثاوس1: 10). لذلك فإننا بحق لا نخاف الموت فهو بالنسبة لنا ربح «ليَ الحياة هي المسيح والموت هو ربح» (فيلبي1: 21)”.
وظل هؤلاء الـ 129 راكب، والذين كانوا مسيحيين حقيقيين يخدمون الرب في جيش الخلاص، يكرزون بالإنجيل لباقي الركاب، بطريقة عملية، ومحبة فدائية، وفي سلام عجيب، حتى آخر لحظة اختفت فيها رؤوسهم بين الأمواج العاتية. بينما نجا باقي أفراد السفينة، الذين ما أن وصلوا إلى الشط آمنين حتى قدَّم الكثير منهم حياتهم مكرَّسة لخدمة الرب يسوع الذي مات لأجلهم وقام، وعلَّم أتباعه التضحية حتى الموت لأجله ولأجل الإنجيل ولأجل الآخرين أيضاً، متمسكين بالآية التي اعتبروها شعارهم «من أجلك نُمات كل النهار، قد حُسِبنا مثل غنمٍ للذبح» (رومية8: 36).
صديقي القارئ.. صديقتي القارئة.. إن الرب يسوع هو رئيس خلاصنا الذي تكمَّل بالآلام، وذاق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت - أي إبليس - ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية (عبرانيين2: 9 ،10 ،14 ،15).
والآن.. دعني أسألك، بحب صادق وبإخلاص شديد: هل عندك سلام تجاه الأبدية وما بعد نهاية الحياة على الأرض؟ تعالَ الآن للرب يسوع المصلوب الذي مات بدلاً عني وعنك وقام. وقتها ستتمتع إلى الأبد بما قاله «الحق أقول لكم: إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد» (يوحنا8: 51). فهل تصلّي معي الآن، وقبل فوات الأوان.
صلاة: يا من قدّمت أعظم قصة فداء حينما أتيت من السماء، وتحملت في أرضنا العناء، وعلى الصليب لأجلي سفكت الدماء.. ارحمني لأعيش لك كل أيامي في نقاء، لأشهد عنك وأخدمك إلى أن تأتي في الهواء .. آمين.