رسالة يعقوب

«أرني إيمانك بدون أعمالك، وأنا أريك بأعمالي إيماني» يعقوب2: 17

زمن كتابتها

يكمن مفتاح فهم هذه الرسالة في معرفة زمن كتابتها وطبيعة تلك الفترة، فهي - كما يرجح المؤرخون المدققون - كُتبت ما بين 45-50م، أي أنها غالباً أول ما كُتب من كل أسفار العهد الجديد.  كان لهذه الفترة طابعها الخاص جداً، ففيها كانت المسيحية ما زالت كطفل وليد يقبع في حضن اليهودية، لم تنضج وتتضح معالمها وتنسلخ عن اليهودية، إذ لم يكن بولس قد أرسله الرب بعد لينادي ببشارة نعمة الله، والتي شرحها فى رسالة رومية، والتي تدعو الخاطئ الفرد، يهودياً كان أم أممياً، للتوبة وتعده بغفران الخطايا ونصيب مع المقدَّسين فى حياة المسيح؛ على العكس من بشارة الملكوت، والتي كرز بها الرسل الاثنى عشر بعد قيامة المسيح، والتي كانت تدعوالأمه اليهوديه الخاطئه للتوبه لينالوا غفران الخطايا ونصيباً في مُلك المسيح عليهم على الأرض (قارن أعمال3: 19-21 مع أعمال26: 17 ،18).  كذلك لم يكن الرب قد أعلن بعد عن الكنيسه وكيف أنها متميزة تماماً عن اليهودية ودعوتها سماوية.  ولم تكن الرساله إلى العبرانيين قد كُتبت بعد، والتي فيها يدعو الروح القدس المسيحيين من أصل يهودي للخروج خارج محلة اليهودية، مشيراً إلى أن العهد الأول كله، بهيكله وكهنوته وذبائحه وعبادته ومجامعه، قد عتق وشاخ وقرب من الأضمحلال. 

الكاتب

هناك ثلاث شخصيات بارزة في العهد الجديد باسم «يعقوب»، اثنان منهم كانا من الرسل الاثنى عشر وهما: «يعقوب بن زبدي» أخو يوحنا و«يعقوب بن حلفي» (متى10: 2 ،3).  أما الثالث فهو يعقوب الذي يبرز في سفر الأعمال كأحد أهم أعمدة الكنيسة في أورشليم (أعمال12: 17؛ 15: 13؛ 21: 18.  وهو صاحب الرأى الحكيم والكلمة المسموعة من الجميع، وله من حياة البر ما جعله مرهوب الجانب موقراً من جميع المؤمنين، حتى من الرسل أنفسهم.  هذا هو الذي أشار إليه بولس بأنه «أخو الرب» (غلاطية1: 19)، وعرّفنا عنه أن الرب ظهر له ظهوراً شخصياً بعد قيامته (1كورنثوس15: 7).  ومن يقرأ ما ورد عن يعقوب هذا في سفر الأعمال ثم يقرأ رسالة يعقوب، لن يصعب عليه استنتاج أنه هو كاتبها. 

لمن كُتبت

كما هو موضح من 1: 1 هي مرسله إلى أسباط إسرائيل الاثنى عشر المشتتين في كل مكان، ومن 1: 2، أن لهم إيمان ربنا يسوع؛ إذاً فهي لجميع اليهود الذين آمنوا بالمسيح في بلاد الشتات. 

غرض الرسالة

في تلك المرحله الانتقاليه بين اليهوديه والمسيحيه التي لم تكتمل معالمها بعد، كان هناك عشرات الآلاف من اليهود في أورشليم، وأيضاً في الشتات، قد آمنوا بالمسيح باعتباره المسيا الملك الآتي، إلا أنهم ظلوا غيورين للناموس (أعمال21:2)، ومرتبطين بالهيكل (أعمال3: 1؛ 5: 21)، وبالمجامع (يعقوب2: 20).  وعلى ما يبدو من هذه الرساله أن إيمانهم بيسوع المسيح لم يكن إيماناً قلبياً به كالمخلِّص الشخصي، بل كان إيماناً قومياً رغبة في مجيئه وملكه؛ أي لم تكن هناك توبه وتغيير، بل مجرد حجج وبراهين كتابيه أقنعتهم عقلياً بأن يسوع الناصري هو المسيا الملك الذي تنبأت عنه الكتب.  هؤلاء لم تظهر فيهم أعمال الإيمان، فانبرى يعقوب، من منطلق محبته لهم وشعوره بالمسئولية تجاههم، وكتب لهم هذه الرسالة، ليؤكد فيها أن الإيمان الذي ليس له أعمال هو إيمان ميت تشاركهم فيه حتى الشياطين (2: 19) داعياً إياهم للتوبة.  ومن هؤلاء أيضاً من ارتد، مما جعل بولس يكتب الرسالة إلى العبرانيين محذراً من الارتداد (عب3: 12)

موضوع الرسالة

الإيمان الحي الذي يخلّص النفس مخفي في القلب، لا يراه إلا الله، لكنه يظهر في الخارج في شتى مجالات الحياه بأعمال تبرهن وجوده.  فالإنسان يتبرر بالإيمان، والإيمان يتبرهن بالأعمال (2: 17-26).

أقسام الرسالة

الرسالة عبارة عن 15 مقطعاً، كل مقطع يرينا كيف يبرهن الإيمان الحي بعمل صحيح في مجال من مجالات الحياة المختلفة، كالآتي:-

 

كيف يظهر الإيمان   المقطع
     
في رد الفعل الصحيح تجاه تجارب الحياة: 2-4طريقة حسابها
5-8 الصلاة من أجلها
9-11 قبول أعمال العناية خلالها: فقراً وغنى
12 انتظار مكافأة الله لمن يحتملها
13-18 فهم مصدرها
19-25 الحماية اللازمة أثنائهاهي كلمة الله: سماعها، قبولها، العمل بها
  1) 1:2-52
في الديانة الطاهرة النقي   2) 1:26 ،27
في الموضوعية، وعدم المحاباة، والعدل   3) 2:1-13
في الاشتراك في احتياجات القديسين   4) 2:14-16
في أعمال إيمان تظهر الثقة بالله كإبراهيم وراحاب   5) 2:17-26
في ضبط اللسان   6) 3:1-12
في الحكمة الطاهرة   7) 3:13-18
في عدم محبة العالم   8) 4:1-10
في عدم ذم وإدانة بعضنا بعضاً   9) 4:11 ،12
في عدم الافتخار والثقة في الذات   10) 4:13-17
في عدم ظلم الفقير، والتعامل الصحيح مع المال   11) 5:1-6
في الصبر والغفران وانتظار مجيء الرب   12) 7-11
في الصدق في الكلام   13) 5:12
في كثرة الصلاة وقوتها   14) 5:13-18
في السعي لربح النفوس   15) 5:19 ،20

تواريخ وأرقام

* كُتبت مابين 45 - 50 م.  وقد استشهد يعقوب الرسول حوالي 26م.

* الرسالة تتكون من 5 أصحاحات، 108 عدداً. ويمكن قراءتها في حوالي 15 دقيقة.

* تكررت فيها كلمة الإيمان ومشتقاتها 18مرة، والعمل ومشتقاتها 22مرة