تكلمنا في العدد السابق عن كلمة الله الحية، الكتاب المقدس، في وحدة موضوعه، وتفرده في بقائه، ونتقدم هنا إلى النقطة الثالثة وهي أنه: فريد في تعاليمه
ينفرد الكتاب المقدس عن سائر الكتب، قديمها وحديثها، بسمو تعاليمه الفائق، ولا عجب إذ أنه رسالة الله إلى الإنسان، بل أقوال الله ذاته.
ومع أنه أقدم كتاب عرفته البشرية، ولكن تعليمه لا يحتاج إلى تحديث أو تنقيح، حذف أو إضافة، إذ أنه صالح لكل إنسان في كل مكان وزمان.
إنه كتاب كل العصور، فليس هناك كتاب نظيره ما زال البشر يقرأونه بشغف ولذة، ويجدون في تعاليمه الحية شيئاً جديداً؛ مما يبرهن على أن صاحبه هو الله الأزلي الأبدي. وما زال هو موضع احترام الملايين الذين آمنوا به، فصار لهم سراجاً وهُدى، صحّح أخطائهم، وقوَّم اعوجاجهم، وأرشدهم إلى الطريق الأبدي.
إن محتوى وتعليم كل كتاب قد يحتمل الخطأ والصواب، أما الكتاب المقدس فهو يحتوي الحق فقط، إذ أن «كل الكتاب هو موحى به من الله» (2تيموثاوس3: 16). لقد ادّعى الكثيرون، خلال التاريخ، خطأ تعاليم الكتاب؛ لكن الذي ثبت على الدوام هو جهل المدّعين، وعِصمة تعاليم الكتاب، صحتها وسموها ونقاوة كل كلمة فيه.
وهو ينير أعيننا، ويعلِّمنا الحق عن كل شيء.
فيعلمنا الكتاب: من هو الله ومن هو الإنسان، يحدثنا عن الأزل كما عن الأبدية، يكشف داخلنا كما يعلمنا كيف نسلك في حياتنا اليومية.
يحدثنا عن الخوف والسلام، الحب والحسد، هيكل الله وبيوت الأوثان. نسمع فيه أصوات الحرب وأناشيد السلام، صرخات المجاعة وأناشيد الحصاد. يرسم لنا مناظر في البحر ومدناً وقرى، جبالاً وودياناً.
لكن الأجمل من ذلك كله أننا من خلال ذلك نستطيع أن نستمع إلى صوت الله متكلماً إلينا.
ثم أن كل تعاليمه صالحة لكل الأعمار: فلا توجد قصص ملذة للصغار مثل قصص الكتاب، ولا نصائح أنفع للشباب مثل نصائح الكتاب، ولا رفيق للرجال، أو أنيس للشيوخ أعظم أو ألذ من الكتاب المقدس. فتعاليم الكتاب تفوق كل التعاليم في سد أعواز البشرية.
إن المستوى الذى يمكن أن يصله الدارس الماهر هو أن يصل إلي مستوى معلمه، إلا دارس الكتاب المقدس، يقول داود: «أكثر من كل مُعلّميَ تعقلت لأن شهاداتك هي لهجي، أكثر من الشيوخ فطنت لأني حفظت وصاياك» (مزمور119: 99 ،100).
كما أن الكتاب فريد في تعاليمه النبوية.
قال “ولبر سميث” الذي قرأ بضعة آلاف من الكتب: إن هناك اتفاقاً عاماً على أن هذا الكتاب أعظم ما كُتب خلال الخمسة آلاف سنة، فهناك نبوات متعددة عن الناس والدول والمدن، وعن مجيء شخص هو المسيّا. ولقد كان عند الأقدمين طرق مختلفة لمعرفة المستقبل، ولكننا لا نجد في كل الآداب اليونانية أو اللاتينية - رغم أنهم يستعملون كلمة نبي ونبوة - أيّة نبوة هامة صادقة حدثت تاريخياً، كما لا نجد بها أيّة نبوة عن المخلص الآتي لينقذ العالم.
وإلي لقاء جديد حول نواحِ تفرد الكتاب المقدس.