الصلاة

لازلنا نتحدث عن عوامل النمو.  وقد رأينا أهمية التربة والغذاء المناسب لنمو النبات، وسنتحدث الآن عن أهمية الهواء النقي والجو الملائم.  وكما في الطبيعة هكذا في حياتنا الروحية.  فنرى هذا العامل يتمثل في الصلاة وجو الشركة مع الله، حيث يعتاد المؤمن أن يستنشق الهواء النقي في محضر الله وينتعش بعبير السماء في الخلوة مع الله.  

إنه يفرغ كل شحنات المتاعب التي في داخله إذ يسكب شكواه قدام الله.  وفي نفس الوقت يستقبل المعونات والمشجعات الإلهية التي تجدد قواه وعزيمته ونشاطه الروحي لكي ينمو ويثمر ويحتفظ بنضارته ولا يعتريه الذبول.

إن حياتنا الروحية إما أن تسير بقوة دافعة متجددة نابعة من حياة الصلاة اليومية أو أن تسير بقوة الاندفاع لفترة قصيرة ثم تتوقف. والصلاة هي إحدى العلامات الرئيسية التي تميز المولود من الله. هكذا قيل عن شاول الطرسوسي «هوذا يصلي» (أعمال9: 11). إنها الضعف البشري مستنداً إلى قوة القدير.  وهي حالة قلب يشعر دائماً بالاحتياج إلى الرب، وأنه لا يستطيع أن يستقل عنه أو يحيا بدونه.

إنها الثقة الهادئة في قلب الله المحب وفي صلاح أفكاره الحكيمة باعتباره الآب المسئول عنا والذي يعمل دائماً لخيرنا.  والمؤمن عندما يأتي إلى الله باحتياجاته فإنه يشعر بالراحة والأمان مثل طفل يرتمي بين يديه.

الصلاة هي المدرسة التي نتدرب فيها على سماع صوت الرب ومعرفة مشيئته.  كما نتدرب فيها على فحص النفس البشرية وإدانة الذات ورفض كل رغبات الجسد.  وبهذا ننمو روحياً ونتغير.  إننا لن نستفيد من كلمة الله وننمو بها إلا عندما يتحول ما نقرأه ونسمعه في المكتوب إلى حديث بيننا وبين الله، ومادة صلاة لكي نعيش ونطبق ما تعلمناه يومياً.

والصلاة يجب أن تقترن بإيمان غير مرتاب البتة. والإيمان يمسك بالله القدير ويثق أنه سيفعل، ويتوقع وينتظر الإجابة حتى لو طال الانتظار.

كما يجب أن تقترن بالقلب النقي إذ مكتوب «إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع ليَّ الرب» (مزمور66: 18). فعلينا أن نعترف بأخطائنا قبل أن نقدم طلباتنا إلى الرب.

والرب يستجيب صلاة المؤمن الطائع الخاضع الذي يتجاوب مع إرادته ويحفظ وصاياه.  

والطبيعة البشرية سريعاً ما تمل من الصلاة وتحاول الهروب منها وتفضل أي نوع من النشاط عن الانفراد مع الرب في الصلاة. لهذا فإن الصلاة تحتاج إلى سهر ومواظبة.

كما يجب أن تكون الصلاة محددة وليست عشوائية.  ويجب أن نتحرر من الأنانية والمشغولية بذواتنا ونطلب من أجل الآخرين، من أجل أعوازهم الروحية والزمنية.  ونصلي من أجل الأمور الصغيرة والكبيرة على السواء.

وإذا كنت تعاني من شرود الذهن والتشتت أثناء الصلاة فيفضل أن تصلي بصوت مسموع وأن تصلي مع آخرين.  وهذا سيحقق لك بركة عظمى.