ونحن نتابع حديثنا عن تفرد الكتاب المقدس كلمة الله الحية نصل إلى صدق نبواته
فالكتاب المقدس ذو طابع نبوي، فهو وإن كان قد سجَّل لنا تاريخ البشرية بكل دقة وأمانة، فإنه لم يقتصر على تسجيل الأحداث الماضية فقط والتي سبقت كتابته، لكنه يمتد إلى المستقبل؛ ليس فقط بالنسبة إلى وقت تدوينه، ولكن المستقبل بالنسبة لنا أيضاً في يومنا الحاضر.
وهذا يليق بكلمة الله العالِم بكل شيء والقادر على كل شيء. بل إن الله يتحدى البشر وآلهتهم الكاذبة قائلاً: «ما هي الأوليات؟ أو أعلمونا المستقبلات أخبروا بالآتيات فيما بعد فنعرف أنكم آلهة» (إشعياء41: 22-23).
فالذي يعرف المستقبل هو الله وحده، والذي يُخبر به هي كلمته دون سواها.
وتحتل النبوة في الكتاب المقدس مكاناً كبيراً، إذ تشغل 16سفراً في العهد القديم؛ 4 نبوات كبيرة هي: إشعياء، ارميا،حزقيال ودانيال. ثم 12نبوة صغيرة: من هوشع إلى ملاخي. وأيضاً سفر الرؤيا في العهد الجديد.
ولكن لا تقتصر النبوة على الأسفار النبوية فقط، لكن أيضاً الأحداث التاريخية المدوَّنة في الكتاب لها ظلال نبوية؛ فمثلاً قصة يوسف، والتي أفرد الكتاب لها 14أصحاحاً من سفر التكوين، تحكي لنا بصورة نبوية رائعة ما قد تحقق بصورة مذهلة في ربنا يسوع المسيح، بل تمتد أيضاً لِما سيتم حتماً في مجده وملكه. وبعض الأمثال التي نطق بها المسيح لها ظلال نبوية؛ مِثل مَثل الكرّاميين في متى21 والذي تحقق في رفض اليهود له وقتلهم إياه خارج أورشليم.
والكتاب المقدس يتكلم نبوياً عن أجناس وأعراق (تكوين9: 25-27)، عن أمم وأفراد، عن خلاص وهلاك. تكلم عن تعاقب الممالك في نبوة دانيال (دانيال2: 31- 45) الأمر الذي تحقق بدقة في الممالك والامبراطوريات التي حكمت العالم على مر التاريخ.
تكلم عن ممالك، وهي في عز مجدها، وأخبر بفنائها، وما كان أحد يتخيل هذا المصير في وقتها.
وأخبر بهلاك صور (حزقيال26) وهي من أغرب النبوات التي تحققت بصورة مذهلة وتمت بالحرف الواحد.
وما ينطبق على صور ينطبق أيضا على صيدون (حزقيال28)، والسامرة بحسب النبيان هوشع (هوشع13: 16)، وميخا (ميخا1: 6). ونينوى بحسب نبوة ناحوم النبي. لقد سقطت أمم ومدن عظيمة وبادت، ولم تسقط نبوة واحدة تكلم بها نبي باسم الرب ودِّونت في الكتاب المقدس بروح الله.
وتبقى النبوات عن شخص المسيح، محور الكتاب والشهادة عنه، والتي هي روح النبوة، إذ ترد في العهد القديم أكثر من 330 نبوة عن شخص المسيح؛ عن الآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها وقد تحققت النبوات التي تتعلق بمجيئه الأول بكل دقة بحرفيتها مثل:
ولادته من عذراء بحسب (إشعياء7:14)
مكان ولادته في بيت لحم (ميخا5:2)
التجائه إلى مصر (هوشع11:1)
رفضه من شعبه وآلامه (إشعياء35)
صلبه (مزمور22:16)
قيامته (مزمور16:10)
وتبقى النبوات المتعلقة بمجده وملكه والتي سوف تتحقق يقيناً على ذات القياس.
وتبقى النبوات وتحقيقها شاهدة على تفرد كلمة الله.
وإلى اللقاء.