بينما كان چورچ، ذلك الشاب المسيحي الحقيقي، يبحر على ظهر سفينة تتجه إلى مونتيفيديو، كم كانت سعادته بالغة عندما تقابل على سطح السفينة مع زميله القديم في الدراسة وليم. وبينما الزميلان يتبادلان، بفرح غامر، ذكرياتهما معا في المدرسة، لاحظ وليم التغيير الكامل في صفات وطريقة حياة وأسلوب تفكير چورچ، فبادره بالسؤال: ماذا حدث لك؟ إني أرى أنك تغيرت تماماً.
وعندها كانت الفرصة مناسبة لچورچ ليتكلم مع صديقه القديم عن الرب يسوع وخلاصه العجيب، وكيف أنه اختبر محبة الله، فتمتع بالفرح والسلام الحقيقيين منذ ذلك اليوم الذي سلّم فيه حياته وقلبه وكل إرادته للرب يسوع المسيح.
استهزأ وليم بالإنجيل، وقال لصديقه القديم: هل ما زلت تصدِّق هذه الخرافات القديمة عن الله والصليب؟ إن الدين أفيون الشعوب، وتلك الأوهام كانوا يقولونها لأجدادنا في العصور القديمة ليخيفوهم بها. وأردف قائلاً: وإن افترضنا جدلاً أن ما كُتب في الكتاب المقدس حقيقة، فأنا ما زلت شاباً صغيراً؛ يجب أولاً أن أتمتع بحياتي، أعيشها كما أريد أنا وليس كما يريد الله أن يمليها عليَّ. أنا حر! لم تمضِ ساعات قليلة حتى دق جرس الإنذار وأعلن القبطان أن راكباً قد سقط في البحر. حاول البحارة بكل جهدهم أن يعودوا بالسفينة في اتجاه صوت الغريق، وغيّروا مسار السفينة عدة مرات. وأخيراً ألقوا له طوق النجاة وأنقذوه. وكم كان التأثر الشديد يسيطر علي چورچ إذ أن الغريق الذي أُنقذ كان زميله القديم وليم، الذي كان يستهتر بالله والأبدية منذ ساعات قليلة.
ذهب چورچ في صباح اليوم التالي إلى زميله القديم وليم، ليسأل عن صحته، فوجده يعاني من حمى وإعياء شديد بسبب الغرق. وكم أخذته الدهشة عندما بادره وليم قائلاً: كنت أنتظرك يا چورچ بفارغ الصبر، لتحدثني عن المسيح وعمله، وكيف يمكنني أن أتمتع بخلاصه، حتى أكون مستعداً في أي وقت لأذهب عنده في السماء. تأثر چورچ، وازدادت دهشته، وقال لزميله: لكنك بالأمس يا وليم كنت تسخر من الكتاب المقدس، بل من الله ووجوده.
أجابه وليم، والدموع تملأ عينيه: يا چورچ.. يوجد فرق كبير بين أن تتحدث بكبرياء عن الله وأنت في أمان وهمي على ظهر السفينة، وبين احتياجك وصراخك له وأنت بين الأمواج الهائجة في الظلام. من قَبْل كنت أرى الموت والأبدية بالتليسكوب، فأراها بعيدة.. ولكن وأنا بين أنياب الأمواج الثائرة كنت أراها بالميكروسكوب، كانت قريبة جداً مني. لم أكن أصدِّق أبداً أني سأنجو. والآن الله قد نجاني من الغرق في البحر، فأرجوك أن تخبرني سريعاً، من الإنجيل، كيف أنجو أيضاً من بحيرة النار والكبريت.
فتح چورچ الكتاب المقدس، وأخذ يحكي بحرارة وحب لزميله القديم وليم عن طريق الخلاص الذي أتمه الرب يسوع بموته النيابي والكفاري لأجلنا علي الصليب؛ وكيف أنه بالإيمان القلبي بعمله الكامل على الصليب ننجو من الغضب الإلهي. «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ».(يوحنا3: 36). قَبِل وليم الرب يسوع المسيح، وتمتع بالسلام الإلهي، عندما صلّى مع چورچ، واعترف لله بجميع خطاياه، وقبل بالتمام عمل المسيح الكامل لأجله. وبعدما ودّع چورچ وليم وتركه في مونتيفيديو، لم تمضِ أيام قليلة حتى رقد وليم في سلام ليتقابل مع مخلصه الحبيب الرب يسوع، الذي لم ينجِه من الغرق في البحر فقط، بل أيضاً من الغرق الأبدي في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.
صديقي.. صديقتي.. وماذا عني وعنك؟ كيف ننظر للعالم الحاضر، وكيف ننظر للأبدية؟
قال خادم الرب الشهير تشارلز سبرجن: ينظر الناس إلي العالم بالميكروسكوب فيعطيه أكبر من حجمه، فيجدونه كبيراً تحت المجهر، مع أنه سيمضي، «لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ... والْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَد» (1يوحنا2: 15-17). وينظر البشر للأبدية بالتليسكوب فيجدونها بعيدة وباهتة، مع أن الواقع أنها قريبة جداً، وخالدة.
يوماً قال الله للغني الغبي: «يا غبي هذه الليلة تُطلَب نفسك منك» (لوقا12: 20). لذا ليتنا ننظر كما كان الرسول بولس ينظر «وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ» (2كورنثوس4: 18). وننظر للأبدية بالميكروسكوب فنراها قريبة فنقدِّر الأمور الأبدية.
صديقي.. هل تأتي معي الآن لمقابلة شخصية مع الرب يسوع، قبل فوات الأوان. أدعوك أن تصلي معي وأنت تقرأ هذا المقال:
صلاة: يا خالق الأنهار والبحار.. يا من لأجلي احتملت العطش والمرار.. يا من عروك لتحمل عني العار.. أومن بك وأقبل خلاصك أيها القدوس البار.. فاقبلني لكي معك أعيش باستمرار.. أمين.