4-لأنه قاهر الشيطان

اجتمع الجيشان للحرب، وكان أحدهما على جبل من هنا والآخر على جبل من هناك؛ ووادياً بينهما.  وخرج من الجيش الأول مبارز قوي يزيد طوله عن ثلاثة أمتار، كل جسمه مغطى بالنحاس، له رمح طويل من الحديد.

وقف العملاق ونادى: لماذا تصطفون للحرب، إختاروا لأنفسكم رجلاً وليأتِ إليَّ، فإن غلبني نصير لكم عبيداً وإن قتلته تصيرون أنتم لنا عبيداً.  وكان الرجل يتقدم ويقف صباحاً ومساءً لمدة أربعين يوماً.  

ثم ظهر غلام، كان قد أتى ليسأل عن إخوته، فرأى العملاق وهو يعيّر شعبه وإلهه.  فغار جداً، وذهب إلى الملك، واقنعه بمواجهه العدو.  وقال له: الرب الذي أنقذني من الأسد والدب هو ينقذني من يد هذا الرجل.  ووافق الملك، وألبس الغلام الملابس الحربية، فلم يقدر أن يمشي بها، فنزعها وأخذ عصاه، واختار له خمسة حجارة ووضعها في الكنف، ومقلاعه بيده، لأنه كان راعياً للغنم.  وتقدم نحو الجبار فلما رآه احتقره ولعنه واستهزأ به، لأن الغلام كان أشقر وجميل المنظر.  فقال له الغلام: «أنت تأتي إليَّ بسيف وبرمح، وأنا آتي إليك باسم رب الجنود».  وتقدم ومد يده إلى الكنف، وأخذ منه حجراً، ورماه بالمقلاع، وضرب الرجل في جبهته؛ فسقط الجبار.  ثم ركض نحوه، وأخذ سيفه، وقطع رأسه.  وصار هذا الغلام موضوع الانتصار والافتخار.

أعزائي.. يقول الكتاب: «كل ما سبق فكُتب كُتب لأجل تعليمنا» (رومية 15: 4).  فماذا نتعلم من قصة الراعي والجبار هذه والتي وردت في صموئيل الأول 17؟

لا شك أن الغلام الجميل (داود) هو رمز للمسيح الراعي الصالح - والجبار (جليات) هو رمز للشيطان.  وكما أن جليات أخاف الشعب وأذله 40 يوماً، وكذلك إبليس أزعج البشرية لمدة 40 قرناً (من آدم حتى مجيء المسيح) استمرت فيها الحرب بين النور والظلام، الحياة والموت، الحق والباطل، المحبة والبغضة.

أصل الشيطان

خُلق كأرقى وأسمى المخلوقات، ولم يُعْطَ وصية كالإنسان، وكان قريباً من العرش الإلهي، وكان ملآن حكمة وكامل الجمال (حزقيال28:12-19)، وكان اسمه «زهرة بنت الصبح» (إشعياء14:12).

سقوط الشيطان

الكبرياء والذات هي أهم الخطايا، فقال «أصعد فوق مرتفعات السحاب، أصير مثل العلي» (إشعياء14:14).  وهذه هي نقطة التحول وبداية السقوط.

أعمال الشيطان

الشيطان كذاب:

قال الرب للإنسان عن شجرة معرفة الخير والشر: «يوم تأكل منها موتاً تموت»؛ فجاء الشيطان وقال «لن تموتا» (تكوين3).  إنه كذاب، وما زال يكذب؛ فهو يقول لك: عاند.. اسكر.. دخن.. افعل الخطية ولن تموت.

الشيطان لص:

إنه يسرق سلامك.. راحتك.. هدوءك.. مالك.. وقتك... 

الشيطان مخرِّب:

إنه المسئول الأول عن الانقسامات في البيوت، الخصام بين الإخوة، وقضايا الطلاق، والحوادث، والكوارث، والانقلابات، الأمراض والمجاعات.

الشيطان قتََّّال:

إنه لا يأتي إلا ليذبح ويهلك، يحرق ويغرق (يوحنا 10: 10؛ مرقس 9: 17-22).

*      *      *      *      *

لأجل هذا «أُظهر ابن الله لكي ينقض أعمال ابليس» (1يوحنا 3: 8).

هزيمة الشيطان

في البرية:

انتصر المسيح (كإنسان) عليه، واستخدم كلمة الله كسلاح، وكما انتصر داود بحجر واحد من خمسة.  هكذا المسيح استخدم سفراً واحداً من أسفار موسى الخمسة.  لكن الشيطان فارقه إلى حين.

في البستان:

لم يأتِ الشيطان هذه المرة كما جاء في البرية بإسلوب الحية والترغيب، بل جاء بأسلوب الإرهاب والزئير.  ولكن المسيح غلب الاثنين، ووطأ الأسد والصل وداس الشبل والثعبان (مزمور 91: 13).  وكما انتصر المسيح كإنسان في البرية بثلاثة اقتباسات من الكتاب، انتصر في البستان بثلاثة صلوات إلى الآب.

في الصليب: 

الشيطان الذي يعرف قانون الله، يعرف أننا خطاه، وكان له سلطان الموت، أي حجة الموت؛ والله، البار والعادل، لا يمكنه أن يتجاهل هذه الشكوى الصحيحة التي تستلزم موتنا.  لذلك جاء المسيح بدافع المحبة وأظهر الرحمة فمات لأجلنا وبذلك تعانق النقيضان «الرحمة والحق التقيا» (مزمور 85: 10).  محا الصك (الدين) الذي كان علينا وكان ضداً لنا، وجرد الرياسات من شكواهم.

في القبر:

والخصم قد ظن
بأنه ظفر
إذ دُفِن الرب يسوع
وخُتم الحجر
فخابت الآمال
في ظاهر الأمر
لكن رئيس الحياة
قام من القبر
 

إن أعظم وأروع عرض لقدرة الله ظهر في قيامة المسيح..  لماذا؟  لأن كل قوات الجحيم تجمعت لتعطِّل مقاصد الله وتمنع قيامته وصعوده.. لكن الله انتصر على كل أشكال المقاومة، وكانت قيامة المسيح وتمجيده.  هزيمة ساحقة للشيطان.  وبذلك فإن المسيح قهر قاهر الأمم، وسحق رأس الحية.

فإن كان الشيطان قد سقط أدبياً كمخلوق، وقضائياً بالصليب، فإننا ننتظر سقوطه الفعلي وطرحه إلى النار الأبدية المُعدّة له ولأتباعه.