غرس الرب الإله جنة في عدن، ووضع فيها آدم الذي جَبَلَه. وكان في الجنة شجر كثير، وأوصاه الرب أن يأكل بحرية، ومجاناً، من كل شجر الجنة، ما عدا شجرة واحدة هي شجرة معرفة الخير والشر، وكان التحذير «لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت».
ورتب الرب الإله لآدم «معيناً نظيره» وهي حواء، والتي وصل الشيطان إلى آدم عن طريقها، إذ أُغويت وأكلت من الشجرة، وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل. وبعد الأكل، صارت لآدم معرفة الخير دون القدرة على فعله، ومعرفة الشر دون القدرة على تجنبه. وهكذا بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم (رومية5: 12). وبدخول الخطية نتجت أمور رهيبة، حملها المسيح في جسده في أقصى صورة، وبتحمله إياها استطاع - له كل المجد - أن يرفعها عن الإنسان. نذكر من هذه الأمور الآتي:
1- الموت (تكوين2: 17)
فبدخول الخطية «اجتاز الموت إلى جميع الناس... ومَلَكَ الموت... مات الكثيرون» (رومية5: 12 ،14 ،15 ،17)؛ وصار الجميع أمواتاً بالذنوب والخطايا (أفسس2: 1؛ كولوسي2: 13). هذا هو الموت الروحي لكون الإنسان منفصلاً عن الله بسبب خطاياه (لوقا15: 24 ،32). كذلك هناك الموت الثاني، الذي هو الانفصال الأبدي عن الله تحت الدينونة (رؤيا20: 6 ،14).
ولكن شكراً للرب يسوع الذي «سكب للموت نفسه» (إشعياء53: 12)، و«وُضع قليلاً عن الملائكة... لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد» (عبرانيين2: 9). وعلى حساب موته الكفاري أمكن لموتى كثيرين بالذنوب والخطايا أن ينالوا الحياة الأبدية.
2- العري (تكوين3: 7)
بدخول الخطية إلى العالم صار الإنسان عرياناً، وهذا ما حدث مع آدم وامرأته. وإذ انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، فقد صنعا لأنفسهما مآزر من أوراق التين، ولكن هل يستطيع عمل الإنسان أن يكسوه أمام الله؟!
إن الرب الإله، لكي يكسو آدم وامرأته، صنع لهما أقمصة من جلد ذبيحة وألبسهما. وهنا نرى أن ذبيحة المسيح الكاملة على الصليب فيها الستر لكل خاطئ عريان. ذاك الذي لكي ينقذنا من العري رضي، في محبة لنا، أن يعرّوه ويلبسوه رداء قرمزياً (متى27: 27 ،28)، بل إن العسكر الذين صلبوه أخذوا ثيابه واقتسموها فيما بينهم واقترعوا أيضاً على قميصه.
3- الخوف (تكوين3: 8-10)
إن أول كلمات نطق بها الإنسان ويذكرها الكتاب المقدس هي «سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت». ولكن شكراً لربنا ومخلصنا يسوع المسيح، لأن أول كلمات له بعد قيامته لتلاميذه الخائفين هي «سلام لكم... وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه» (لو24: 36-40)، وكأنه يريد أن يقول لهم: “لكي تكونوا في سلام مع الله كان لا بد أن أتمشى في طريق العدل (أمثال 8: 20)، وأن أذهب إلى الصليب، وأن أتحمّل تأديب سلامكم (أشعياء53: 5)”.. حقاً إن المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى حارج.
4- الألم والوجع (تكوين3: 16)
كانت النتيجة المباشرة للسقوط هي آلام الحبل والولادة. ولكن من تألم مثل الرب يسوع نفسه .. لقد تنبأ عنه إشعياء النبي قائلاً: «أوجاعنا تحملها» (إشعياء53: 4). وقمة الألم والأوجاع كانت في الصليب، هناك كان عليه أن يواجه آلاماً لا حصر لها وأوجاعاً رهيبة لا نستطيع نحن أن ندركها، وكل ذلك من أجلنا.
5- الحزن (تكوين 3:17)
«بالتعب (بالحزن) تأكل منها كل أيام حياتك». ولقد اشترك الرب في أحزان قديسيه (انظر يوحنا11). وإذا تأملنا حزن الرب العميق في الصليب، نجده يقول في النبوة «أَمَا إليكم يا جميع عابري الطريق، تطلعوا وانظروا إن كان حزن مثل حزني الذي صُنع بي الذي أذلني به الرب يوم حموّ غضبه» (مراثي1: 12)، فمن منا يستطيع أن يقدِّر مدى الأحزان التي جازها ذلك القدوس المتألم على الصليب، إذ كان الله يتعامل مع الخطية بمقتضى أحكام عدله وبره.
6- اللعنة (تكوين 3 : 17)
قال الرب الإله لآدم «ملعونة الأرض بسببك .. » ونقرأ في غلاطية3 :13 أن المسيح «صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب ملعون كل من عُلِّق على خشبة». ومع أن الرب يسوع في حياته الإنسانية الرائعة قد أظهر طاعة كاملة، وكان طعامه أن يفعل، وباستمرار، مشيئة الآب الذي أرسله فاستحق كمال البركة؛ لكنه في محبة عظيمة صار لعنة لأجلنا.
7- الشوك والحسك (تكوين 3: 18)
لقد نبتت الأشواك من الأرض الملعونة. ومن المناظر المؤلمة في أحداث الصليب لما ضفروا لربنا المعبود إكليلاً من الشوك وغرسوه في رأسه وجبهته. ونحن نعتبر إكليل الشوك الذي وُضع على رأس الفادي، بقصد تحقيره، هو أغلى قلادة كريمة توجت بها طاعته.
8- طرد الإنسان (تكوين3: 24)
طُرد الإنسان الأول من جنة عدن وأقام شرقاً وهنا نتذكر ربنا يسوع فكم طرد خارجاً (متى8: 34، مرقس5: 17) إلى أن جاء الوقت الذي قالوا فيه.. «لا نريد أن هذا يملك علينا» «فصرخوا خذه خذه اصلبه» (يوحنا19: 15).