مرة أخرى، صديقي العزيز، نحاول معرفة شيئاً جديداً عن ربنا يسوع. ذاك الذي قال عن نفسه «ليس أحد يعرف الابن إلا الآب» (متى11: 27). وسنتأمل هذه المرة في
فم الرب
للفم علاقة وثيقة بالقلب. فمن كلمات الفم يظهر صلاح أو شر القلب «من فضلة القلب يتكلم الفم» (متى 12: 34). ومن كلمات ربنا يسوع نعرف شيئاً عن ما في قلبه من صلاح ومحبة ورحمة وشفقة للآخرين. عكس كل الجنس البشري، والتي تحمل كلماتهم رائحة مصدرها، والمكتوب عنهم «حنجرتهم قبر مفتوح ... فمهم مملوء لعنة ومرارة» (رومية3: 13 ،14).
1- أحلى كلام
أي إنسان مثله استطاع أن يخاطب الله الآب بالقول «أنا مجّدتك على الأرض» (يوحنا17: 4). أليس مكتوباً عن جميع الناس «لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله» (رومية1: 21)؟ وأي إنسان مثله ينادى للمتعبين ليريحهم (متى 11: 28)، وللعطاش ليرويهم (يوحنا 7: 37)، وللجياع ليشبعهم (يوحنا 6: 35) وللمأسورين ليطلقهم أحراراً (لوقا 4: 18). كم من مرضى شفاهم بكلمة، وأموات أقامهم بنداء.
2- كلام وآلام
لم تكن كلمات المسيح شعارات يرددها كباقي الناس. ولم تحمل لنا فقط مشاعر وحنان قلبه. لكن ما يعظِّم كلماته وأقواله التي نطق بها، تلك الآلام التي كانت تحملها في طياتها ولم يشعر بها أحد سواه، فعندما كان يغفر خطايا كثيرين ويشفي المرضى ويقيم الموتى ويبشر المساكين، وعندما كان يرفع عن الإنسان كل نتائج الخطية.. أين ذهبت هذه الخطايا والتي سببت هذه النتائج المريرة؟ لقد كان يعلم - له المجد - أن الخطايا ونتائجها ودينونتها تنتظره عند الصليب. هذا الأمر نراه بعدما سقط داود في خطية الزنا والقتل وأرسل الرب له ناثان النبي ليقوده للاعتراف بالقول «أخطأت إلى الرب. فقال ناثان لداود والرب أيضاً نقل عنك خطيتك. لا تموت» (2صموئيل 12: 13). تأمل صديقي في كلمة «نَقَلَ». إلى أين انتقلت خطية داود؟ قِس على هذا كل خطايا المؤمنين على مر العصور، وتأمل حجم الآلام التي احتملها المسيح على الصليب والتي نراها في قول الكتاب «والرب وضع عليه إثم جميعنا» (إشعياء 53: 6).
3- كلام وقضاء
إن ذات الفم الذي تكلم بالنعمة - وما زال حتى الآن - والذي كان صامتاً أمام ظلم الناس؛ سيتكلم في يوم غضبه، وستخرج منه نار تأكل وتحرق الرافضين (2صموئيل 22: 9) وسيخرج منه قضيب وسيف ماضٍ ليضرب به الأرض والأشرار (رؤيا 1: 16).
صديقي: لقد شهد الأعداء للمسيح «لم يتكم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان» (يوحنا7: 46)، وما زالت شهادة الله الآب تعلن «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت له إسمعوا» (متى 17: 5)، وما زال الرب يسوع المرفوض من الكثيرين يعلن هذا «هنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي، وفتح الباب، أدخل إليه، وأتعشى معه وهو معي» (رؤيا3: 20)؛ فهل تسمع لصوته وهو يناديك “تعال إلىَّ لتنال الحياة الأبدية”؟
لا تُقسِّ قلبك لئلا يمضي الوقت وتفاجأ بذات الصوت يقول لك: “إذهب عني إلى النار الأبدية”.