الكتاب المقدس هو إعلان الله عن ذاته وطرقه وأفكاره ومعاملاته مع البشر في مختلف التدبيرات، فهو يهتم بالحياة الروحية للإنسان، إذ يفتح له طريق الرجاء ويدعم له طريق الخلاص والشركة مع الله. فهو إذاً ليس بالكتاب العلمي، مع أنه يحوي الكثير من الحقائق العلمية المبهرة. أما مجال العلم فهو المادة التي يمكن إخضاعها للقياس، وهدفه الكشف عن القوانين الطبيعية التي تربط الظواهر المختلفة، حتي يمكن للإنسان أن يسيطر علي الطبيعة وأن يخضعها لسلطانه.
لغة العلم ولغة الكتاب
إن للعلم لغته ومصطلحاته الخاصة، التي كوّنها لنفسه عبر الأجيال، حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، والتي عن طريقها يستطيع العلماء من كل الأنحاء التواصل وفهم الواحد للآخر. أما الكتاب المقدس فلأنه كتاب لكل الناس، ولكل العصور، فهو يستخدم اللغة البسيطة المتعارفه وسط الناس في وصفه للظواهر، وبذلك فهو يلائم الإنسان في كل زمان.
وقد كشف العلم الحديث عن كنه الحقائق العلمية المتضمنه في الكتاب المقدس، والتي كانت مخالفة، في زمن كتابتها، لما كانت تعتقده الحضارات السائدة في ذلك الحين. قال جورج صموئيل: “إن الله هو الخالق، ولا يمكن أن يتعارض عمله في الطبيعة مع كلامه في الكتاب المقدس”.
وسوف نتناول بعض الحقائق العلمية المتضمَّنة في كلمة الله، الكتاب المقدس، لنتبين دقة محتوياته العلمية.
كروية الارض
رسم بطليموس خريطة للأرض حوالي 300 ق.م. كانت الارض فيها بين مستديرة ومربعه، وكان الاعتقاد بأن الأرض مسطحة، وظل هذا الاعتقاد سائداً حتى أوائل القرن السادس عشر، عندما أكّد العِلم كروية الأرض جغرافياً حيث تمكن ماجلان (0841 - 1251م) من الإبحار حول الكرة الأرضية.
ثم تأكدت الحقيقة فلكياً عن طريق كوبرنيكوس، إلى أن تأكدت عن طريق الصور المُلتَقَطة من الفضاء الخارجي بواسطة سفن الفضاء.
ولكن ما اكتشفه العِلم حديثاً، نجده مدوَّناً في الكتاب المقدس قديماً، فقد أعلن اشعياء النبي عن الله أنه «الجالس على كرة الأرض» (إشعياء04: 22)، وأشار إليه سليمان بالقول عن الله أنه «رسم دائرة على وجه الغمر» (أمثال8: 72).
قانون الجاذبية
بعد اكتشاف كوبرنيكوس وتيكوبراها وجاليليو لقوانين المنظومة الشمسية، ونتيجة دراسات جاليليو واسحق نيوتن (2461-7671م) عن حركة الأجسام الساقطة، اكتشف نيوتن قانون الجاذبية، وعرّفها بأنها القوة التي تربط الكواكب وأحجارها في مساراتها. وبناء على هذا استنتج أن الأرض في مكانها في الفضاء تدور حول محورها في انتظام كامل، متوازنة مع بقية كواكب المجموعة الشمسية بقوة الجاذبية.
ولكن ما اكتشفه نيوتن في القرن 81 هو بعينه ما وصفه أيوب عن الله أنه «يعلِّق الأرض على لا شيء» (أيوب62: 7). ولكن ما كتبه أيوب في وقته كان مختلفاً تماماً لما كانت تعتقده الحضارات في وقته: فمثلاً تصّور الهنود أن الأرض محمولة على أنياب مجموعة من الفيلة مصطفة في دائرة، رؤوسها للداخل وذيولها للخارج وتستقر أقدام الفيلة على درقة سلحفاة هائلة، والسلحفاة يحملها رأس حية ضخمة ملتفة على نفسها، وعندما تهتز أجسام الفيلة تحدث الزلازل على الأرض. وتصور الرومان أن الأرض محمولة على قرني ثور. لكن أيوب كان يكتب مسوقاً من الروح القدس الذي حفظه من نقل الأساطير السائدة في عصره.
وللحديث عن الكتاب المقدس والعلم بقية.