يُحكى عن ملك شرير، قاسٍ وشرس الطباع، اسمه زينون، أنه مرض ودخل في غيبوبة؛ فظنّوه أنه مات. ولأنه كان ملكاً مكروهاً، ففي الحال غسّلوه، وكفّنوه، وفي أسرع وقت دفنوه. وهناك في القبر أفاق من غيبوبته، فوجد نفسه في مكان مظلم، فارتعب الملك، وبكل قدرته صرخ: أخرجوني، حِلّوني. فنزع الاكفان، وحطم التابوت، وظل يتخبط في أركان القبر وهو يتحسس جدرانه تارة، وسقفه تارة أخرى. وظل يصرخ صرخات هستيرية: يا أهل الخير.. يا أهل الرحمة.. إنى أختنق.. أخرجوني من هذا المكان الكئيب. لكن لا مُصغِ ولا مجيب.
وبعد أيام من العذاب في القبر، سمع أحدهم صوت إستغاثة، وبعد وقت، فتحوا القبر، فوجدوا شبحاً مذعوراً لشخص وقد نُهش لحم أكتافه، وهو جاحظ العينين.
صديقي القارئ: إن زينون الملك، رغم أنه دخل القبر حياً، لكنه لم يستطع أن يخرج منه، ومات. وكم من عظماء وزعماء، هزّوا العالم بجبروتهم، ولكنهم هُزموا أمام الموت. ابحث عنهم، ستجدهم تراباً في قبورهم: فهنا قبر نابليون، وهنا رفات الاسكندر الاكبر. أما إذا ذهبت إلي قبر المسيح فسوف تسمع صدى صوتاً سمائياً محبوباً «ليس هو ههنا لأنه قام» (متى28: 6)؛ هم ماتوا وفسدوا وأنتنوا، أما هو، فلأنه قدوس الله فهو الوحيد الذى لم يرَ جسده فساداً (مزمور16: 10).
-
لقد جاء المسيح للعالم نوراً، ووجد العالم في الظلمة. فاحتدم الصراع بين النور وبين الظلمة في معركة شرسة، انتهى شوطها الأول بنصرة ظاهرية للظلمة على النور. ولكن لم تنتهِ المعركة إلا وقد انتصر النور على الظلمة، وقام المسيح من القبر.
-
وكان المسيح هو الحكمة، وجاء ليبدِّد الجهل، وليضمن للإنسان برّاً وقداسة وفداء. واشتد العراك بين الحكمة وبين الجهل، بدا أن الحكمة هُزمت فى البداية، وتهللت الجهالة. لكن سريعاً ما انتصرت الحكمة، وقام المسيح من القبر.
-
بل المسيح هو الحق، الذى جاء ليقضي على البُطل. واشتبك الحق مع الباطل، في موقعة حامية، صُلب الحق في البداية، ولكن في النهاية ظهر الحق وخُذل الباطل، وقام المسيح من القبر.
-
بل هو الحياة الذى سحق الموت سحقاً، فكسر شوكته (1كورنثوس 15: 56)، ونقض أوجاعه (أعمال2: 24)، وأزاح مخاوفه (عبرانيين2: 15)، بل وأبطل مفعوله (2تيموثاوس 1: 10). فريدة من نوعها:
إن قيامة المسيح هى الحادثة الأولى من نوعها، ففي تاريخ البشرية لم يَقُم أحد بذاته، ومع أنه أُقيم آخرون، إلا انهم ماتوا ثانية. ولكن المسيح قام بقوة حياة لا تزول.
لقد ظهر سلطان المسيح في موته، فقد حدَّد وقت موته وطريقته (متى20: 19)، ومن هو الذى يسلمه. لكن ألم يقتل الناس الرب يسوع؟ نعم، قتلوه؛ غير أن الرب يسوع هو الذي سمح لهم بذلك، وفوق الصليب هو الذى أسلم الروح كفعل إرادي بقوته الشخصية. ثم كان عظيماً في قيامته حسب عمل شدة قوته. لقد صدق المسيح حين قال «لي سلطان أن أضعها (في القبر بالموت) ولي سلطان أن آخذها (من القبر بالقيامة)».. إنها قيامة من سلطان.
لكن لماذا الموت ولماذا القيامة؟ الاجابة: أنه «أُسلم من أجل خطايانا، وأُقيم لأجل تبريرنا» (رومية4: 25).
إني أحب المسيح من كل قلبي؛ لأنه حمل حملي، ورفع جرمي، وقهر عدوي.
القيامة أمر بهيج وأيضاً مزعج
إنه بهيج للمؤمنين الأحباء ومزعج لأعداء المسيح.
لقد قام المسيح وظهر لمريم المجدلية في البستان، وظهر لتلميذين وهم في الطريق إلى عمواس، وظهر في العُلّية للتلاميذ، وظهر لسبعة من الرسل على شاطئ بحر طبرية، كما ظهر ليعقوب ولبطرس وللاثنى عشر، وظهر لأكثر من 500 دفعة واحدة؛ فكانت ظهوراته سبب سعادة بالغة «ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب» (يوحنا20: 20).
لكن كانت القيامة أمر مزعج لرؤساء الكهنة لعدة أسباب منها: لأنهم كانوا قد وعدوا أن يؤمنوا به إذا نزل عن الصليب وخلّص نفسه (متى27: 42). ولأنهم لما طلبوا منه آية فوعدوهم بآية يونان النبى وها هو ليصدق في قوله ويقوم كيونان فى اليوم الثالث (متى12: 39-40). ومرة أخرى أجابهم «انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه... وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده» (يوحنا2: 18-22).
صديقي - صديقتي: في أي الفريقين أنت تقف: مع الأحباء الذى يهتفون:
قد مات وقام فى أسمى مقام فبه السلام هللويا
أم مع فريق الكارهين الجاحدين الذى لهم عيون ولا تبصر وأذان ولا تسمع.
لقد قام المسيح بالحقيقية قام.