ليس خلود

«نأكل ونشرب لأننا غداً نموت!» (1كورنثوس15: 32).

تقابل اثنان من زملاء الدراسة. كان واحد من الاثنين مؤمناً حقيقياً، وكان الآخر من الذين قرؤوا بعض كتب الفلسفة التي حوّلت ذهنه عن تعاليم الكتاب المقدس الواضحة التي تقول إنه «وُضع للناس أن يموتوا مرة، ثم بعد ذلك الدينونة» (عبرانيين 9: 27). وفي أثناء الحديث معاً، اكتشف المؤمن كيف تأثر زميلة بالأفكار الكفرية، وجعلته لا يؤمن بالخلود، وبالتالي أصبح كل شيء عنده مباح!

حاول الزميل المؤمن إقناع زميله العزيز، مستعيناً بالعديد من آيات الكتاب المقدس التي توضِّح أن الله جعل الأبدية في قلب بني البشر (جامعة 3: 11)، وأن الدينونة حقيقة مقرَّرة. لكن صاحبنا المتفلسف قال إنه لا يؤمن لا بالكتاب المقدس، ولا بوجود الله!

قال الزميل المؤمن لصاحبه: إذاً فنحن مختلفون اختلافاً جوهرياً في نظرتنا للحياة والموت والخلود. ودعني لتبسيط القضية افترض أن احتمال الصواب لكل منا هو بنسبة 50%، وأن احتمال الخطأ هو أيضاً بنسبة 50%.

والآن، تُرى كيف سيعيش كل منا؟

أنا، لأني أؤمن بالله، وأؤمن بالكتاب المقدس، سأضع خوف الله نصب عيني. وسأطلب كل يوم من الله معونة لأعيش له كما يريدني أن أعيش. قد أضعف في بعض الحالات، لكني وإن سقطت أقوم فوراً، وأعترف بالخطية لربي وإلهي. وهذا يملأ قلبي بسلام هادئ جليل. وعيشتي مع الرب تمتعني بحياة صالحة وأيام حلوة. وتجعل ضميري مستريحاً. وطبعاً - نظراً لإيماني - فإني امتنع عن عيشة الخطية والشر، تلك الحياة التي لا أعتبرها شيئاً ينبغي أن نحسد الآخرين عليه، بل إنه امتياز وفخر لي أن أعيش بالبر. فالحكيم قال إن «البِرّ يرفع شأن الأمة، وعار الشعوب الخطية» (أمثال14: 34).

أما أنت يا صديقي العزيز فلأنك لا تؤمن بالله، ستعيش كما يحلو لك. ستعُبّ من الخطايا والشهوات. لكن تذكر أن هذه الشهوات لم تسعد قلباً ولم تمتعه بالسلام. والواقع يقول إن «كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً» (يوحنا4: 13). وهنا أنا لا أعرف كيف ترى الفارق بيننا في هذه الحياة. هل أنا الرابح في نظرك، أم أنت؟ لكني أظنك لا تراه فارقاً مهولاً.

لكن لننتقل إلى ما وراء الموت والقبر. هَبْ أنك أنت كنت على حق. ستنتهي حياتك تماماً كما ستنتهي حياتي، وسنكون كلانا مثل الحيوان. أي أننا سنكون في الأبدية سواء، أو بالحري لن نكون على الإطلاق. هذا إذا كنت أنت على صواب، وأذكرك أن نسبة ذلك هو 50%فقط، والـ50% الأخرى هي أنني أنا على حق. لكن في هذه الحالة ما أبعد الفارق الذي سيكون بيننا يا صديقي العزيز. سأجد أنا نفسي فوراً مع المسيح وأقضي معه أبدية لا تنتهي في سعادة عجيبة. وأنت ستجد نفسك في شقاء أبدي وتعاسة لا تنتهي، بل تستمر إلى أبد الآبدين.

 

افترق الزميلان، وصديقنا الفيلسوف يفكر في هذه الأطروحة، التي لا يختلف عليها سوى الأغبياء فقط!

«فاستعد للقاء إلهك» (عاموس4: 12).