التبرير

قضية شائكة بحث الإنسان عن حل لها على مر العصور. فقبل الميلاد بأكثر من ألف عام يتساءل أيوب «كيف يتبرر الإنسان عند الله؟» (أيوب9: 2) لكن قبل أن نأتي لحل القضية وإجابة السؤال، لنرى أولاً ما هي المشكلة؟ المشكلة أن البشرية كلها متهمة بالخطية وصدر عليها حكم الدينونة وإليك قرار الاتهام: «ليس بار ولا واحد... الجميع زاغوا وفسدوا معًا» (رومية3: 10-12)، «اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع... بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة» (رومية5: 12، 18).

لكن ألا يوجد طريق به يتبرر الإنسان؟ ألا نستطيع مثلاً أن نحل المشكلة بالناموس (مبدأ الأعمال)؟ الإجابة نفهمها من قول الكتاب «لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه (إذًا فلماذا الناموس؟) لأن بالناموس معرفة الخطية» (رومية3: 20)

 لكن الحل الإلهي قد ظهر. ويا للعجب في ذات الرسالة التي تُظهر فساد الإنسان وصفاته الشريرة (اقرأ رومية ص1، 2، 3 لتجد أكثر من 50 صفة شريرة في الإنسان) يعلن الكتاب المقدس «أما الآن فقد ظهر بر الله» (رومية3: 21).

 من معاني التبرير:

 إنه يعني التبرئة من كل إتهام يقوم ضد الإنسان المُدان، ويعني الإعفاء التام من الدينونة الأبدية والنار الآكلة؛ لكن بالأولى يعني أن كل مؤمن بالمسيح صار مكتسيًا بثوب البر (بالمسيح نفسه) ومقبولاً أمام الله وظاهرًا في حضرته.

دليل التبرير:

إن صليب ربنا يسوع المسيح قد أظهر بر الله في تعامله مع خطايا المؤمنين في التدابير السالفة (زمان ما قبل الصليب) وفي الحاضر (رومية3: 25-26) وذلك عندما وضع الله على المسيح إثم جميعنا وأوقع عليه الدينونة، والمسيح احتمل وأكمل العمل وقدَّم الترضية الكاملة لكل مطاليب البر والعدل الإلهي. والدليل على أن كل هذا قد تم هو قيامة المسيح «الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا» (رومية4: 25).

يقينية التبرير:

 إن الله الذي حكم علينا جميعًا أننا خطاة ونستحق الدينونة. هو نفسه الذي نطق بتبريرنا «الله هو الذي يبرِّر» (رومية8: 33)، فهل يعمل فينا الشك بعد هذا اليقين الأكيد؟

كيفية الحصول على التبرير:

 الإيمان هو العملة الوحيدة التي يقبلها الله من الإنسان، وبه يحصل على حكم التبرير الغير قابل للنقض أو الإستئناف «فإذ قد تبررنا بالإيمان» (رومية5: 1).

التبرير بالأعمال:

لكن ماذا عن القول «ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال؟» (يعقوب2: 21)؟ فهل هناك تبرير بالأعمال؟ هنا يجب أن نلاحظ الفرق بين التبرير المُعلَن في رسالة رومية وبين التبرير المُعلن في رسالة يعقوب.

  • في الأولى تبرير أمام الله، لكي يمكن أن يقبله ويتعامل معه، وهذا لا نحصل عليه إلا بالإيمان، وهذا ما حدث مع إبراهيم في تكوين 15: 6 فكُتب عنه «فآمن إبراهيم بالله فحُسب له بِرًا» (يعقوب2: 23).
  • أما في الثانية فهو تبرير أمام الناس كدليل للإيمان القلبي الذي لا يراه إلا الله، وهذا هو عمل الإيمان أو إظهار الإيمان بالأعمال، وإلا فالإيمان هنا هو إدعاء. وهذا ما قيل عن إبراهيم أنه تبرر بالأعمال عندما قدَّم إسحاق ابنه على المذبح (يعقوب2: 21 مع تكوين22).

 

والآن صديقي القارئ هل تقول مفتخرًا «تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص. كساني رداء البر» (إشعياء61: 10). أم أنك معتمد على برك الشخصي وأعمالك وتديُّنك.

صديقي إن كل تلك الأمور لا تتعدى مآزر أوراق التين (تكوين3: 7) سرعان ما ستجرفها الرياح، أو على أقل تقدير هي في نظر الله ثياب نجسة (إشعياء64: 6)، ولا تُحسب إلا نفاية (فيلبي3: 8).

فليتك تقبل المسيح بالإيمان فتنال في الحال التبرير الكامل؟