ينطلق قطار الزمن سريعًا.. وها قد مضت عشر سنوات منذ صدرت «نحو الهدف». عِقدٌ كامل من الزمان مرَّ كأيام قليلة، حمل الكثير من الاختبارات والذكريات. ولا شك أن العِقد الذي انصرم يحمل لك أنت أيضًا الكثير من الذكريات، كنت طفلاً تُحمَل على الأيدي، والآن صرت حَدثًا أو شابًا يانعًا، تزهو بنفسك وبقدراتك ومهاراتك، وتفكر في مستقبل حياتك.
إن عجلة الزمن تدور بسرعة، وتطوي من الحياة أيامًا وسنين. ومع كل صباح جديد نختبر الوعد الإلهي بالخير والرحمة، بالرعاية والكفاية. وكل منا يستطيع أن يقول مع المرنم: لا أذكر يومًا به نسيتني؛ ليس في العشر سنوات الماضية فقط، بل كل الحياة. وهذه هي أمانة إلهنا التي لا تتغير.
ومن ناحية أخرى يجب أن نعرف أن الحياة، يا صديقي، قصيرة في طبيعتها، وهي تُقرَض سريعًا فنطير. وأحداث السنين، سبعين سنة كانت أم ثمانين (وليس فقط عشر سنوات)، يُمكن تلخيصها في قصة قصيرة تُقرأ في دقائق أو ساعات (مزمور90)، فيا لتفاهة الحياة! «هوذا جعلت أيامي أشبارًا، وعمري كلا شيء قدامك» (مزمور39: 5). وكما قال أحدهم: “اليوم هو أول أيام حياتك الباقية.. الماضي لن يعود”. لكن هذا اليوم أيضًا قد يكون آخر يوم في رحلة الحياة، ومحطة الوصول (الأبدية) قد أوشكت. فإلى أين ينتهي سفرك؟
سيأتي المسيح في ساعة لا نعرفها ويأخذ المؤمنين الحقيقيين للسماء «المستعدات دخلن معه إلى العُرس، وأُغلق الباب» (متى25: 10). وويل للرافضين والمتهاونين والمؤجلين. فما هو موقفك؟ هل يزعجك هذا الفكر؟ هل تُفضِّل أن يُبطئ قدومه؟ هل تريد حياة طويلة على الأرض تستمتع فيها بالمسرات والملذات وتفرح فيها بشبابك؟ اسمع ما يقوله الحكيم «افرح أيها الشاب في حداثتك، وليسرّك قلبك في أيام شبابك، واسلك في طرق قلبك، وبمرأى عينيك، واعلم أنه على هذه الأمور كلها يأتي بك الله إلى الدينونة» (جامعة11: 9).
صديقي.. إن «الإنسان أيضًا لا يعرف وقته، كالأسماك التي تؤخذ بشبكة مهلكة، وكالعصافير التي تؤخذ بالشرك» (جامعة9: 12). إنه شيء مخيف أن يرحل الإنسان فجأة بغير رجاء. والذي مَنَّى نفسه بخيرات كثيرة وسنين كثيرة فوجئ بالصوت «يا غبي! هذه الليلة تُطلَب نفسك منك، فهذه التي أعددتها لمن تكون؟» (لوقا12: 20). وإن كنت مؤمنًا، فكم حري بك أن تفتدي الوقت القصير، وتعمل ما يمجد الرب ويكرمه في أيام شبابك، قبل أن يمضي النهار، ويأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل.
باقي من الزمن ساعة واحدة؛ هكذا قال الرسول بولس (رومية13: 11)، وعلينا أن نستيقظ من النوم، ونترك الكسل والاسترخاء، وننهض. كيف تتطلع إلى النجاح وأنت تهدر الوقت في أشياء لا تبني وأحيانًا تهدم؟ كم من الوقت تقضيه مع الرب وفي أموره؟ وكم من الوقت أمام الكمبيوتر لمجرد اللهو والتسلية؟ إن الوقت ثمين ولا يمكن استعواضه. فهل تبدأ بعزم جديد وترتب أولوياتك، عالمًا أن «الوقت منذ الآن مُقصَّر»، وأنك ستعطي حسابًا عن وكالة الحياة بما فيها الوقت؟!