الكتاب المقدس أم محفظة النقود؟!!
روى أحد خدام الرب هذه القصة:
طَرَقَ ذات يوم أحد جيراني على باب بيتي وقال: هل عرفت أن زجاج باب سيارتك قد كُسِرَ؟
اندفعت إلى الخارج، فوجدت زجاج باب سيارتي متناثرًا على الأرض في كل اتجاه. فأخذت أُفتِّش في السيارة ما عسى أن يكون قد سُرق. فاكتشفت اختفاء شيئين: محفظة نقودي وكتابي المقدس.
وما أن دخلت البيت حتى طرق آخر الباب حاملاً إليَّ كتابي المقدس. لقد وجده مفتوحًا، قرأ عليه اسمي وعنواني، فأحضره.
وكنت سعيدًا باسترداد كتابي المقدس، ولكنني لم أرَ ثانية محفظة نقودي. كان كتابي المقدس بمظهره الخارجي يُشبه محفظة النقود، ولكن عندما تحقق السارق خطأه رماه واحتفظ بالنقود. ويا للغباء!! ويا للجهل!! لقد ظنَّ أن حافظة النقود أثمن من الكتاب المقدس.
كان هذا هو اختياره.. وهذا هو اختيار الكثيرين؛ إذ يفضِّلون المال ويرفضون الله وكلمته!!
عزيزي.. تُرى ما هو اختيارك: الكتاب المقدس أم محفظة النقود؟ فكِّر جيدًا فالأمر يتعلق بمستقبلك الأبدي.
ودعني أساعدك في الاختيار فأخبرك بما يمكن أن يفعله لك المال، وما يمكن أن تفعله لك كلمة الله...
أما عن ما يمكن أن يفعله لك المال فأقول:
* يشتري المال عددًا هائلاً من الماديات ومن الكماليات، ولكنه لا يشتري السلام ولا السعادة..
* ويضع المال أشهى الأطعمة على مائدتك، ولكنه لا يمنحك الشهية ولا القدرة على الهضم..
* ويجمع المال الأطباء من حولك، ولكنه لا يعطيك الصحة..
* ويقدر المال أن يحيطك بالمتملَّقين، ولكنه يعجز عن الإتيان لك بالصديق الحقيقي..
* ويُسكِتْ المال أصوات المُتَهمِين، ولكنه لا يقدر أن يُخمد صوت الضمير الهائج..
* ويدفع المال أغلب الديون، ولكنه لا يكفي ليدفع لله ديون الخطية..
* وتحصل بالمال على العضوية في أعظم النوادي، ولكنه لا يُدخلك السماء..
* ويرفع عنك المال كثير من الهموم وبعض المخاوف. ولكنه يفشل في إطفاء لهيب الشعور بالمذنوبية..
* ولا يقدر المال أن يقف في طريقك ليمنعك من دخول أبدية الهلاك والبحيرة المتقدة بالنار والكبريت.
ثم دعني أيها العزيز أخبرك عن عظم أهمية كلمة الله:
** تخبر الخطاة عن المخلِّص: «اسمه يسوع لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم» (متى 1: 21). «وليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسمٌ آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نَخلُص» (أعمال 4: 12).
** هي وسيلة الميلاد الجديد: «شاء فولدنا بكلمة الحق» (يعقوب 1: 18). «مولودين ثانيةً لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد» (1بطرس 1: 23).
** هي غذاء الطبيعة الجديدة الممنوحة للمؤمنين: «وكأطفالٍ مولودين الآن، اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به» (1بطرس 2: 2). والرب نفسه قال: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله» (تثنية 8: 3؛ متى 4: 4). فالكلمة هي الطعام المَُعَدّ واللازم لمقوِّمات الحياة الروحية، وهي وسيلة تغذيتنا وتقويتنا في المسيح أثناء عبورنا في البرية.
** هي مرشدنا الوحيد وسط ارتباكات العالم: «سراجٌ لرجلي كلامك ونورٌ لسبيلي» (مزمور119: 105). ولما كان على يشوع أن يقود الشعب إلى أرض كنعان، كلّمه الرب قائلاً: «لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه نهارًا وليلاً، لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوبٌ فيه. لأنك حينئذٍ تُصلح طريقك وحينئذ تُفلِح» (يشوع1: 8)
** هي وسيلتنا للدفاع ضد حيل الشيطان: لذلك تُسمَّى «سيف الروح» (أفسس6: 17). وحين جُرِّبَ ربنا المبارك من الشيطان، كانت الكلمة هي سلاحه الوحيد. وفي كل مرة قدَّم فيها الشيطان سرابه الخدَّاع جاوبه الرب «مكتوب» (متى4: 4 ، 7 ،10). فقد اعتمد الرب بالتمام من البداية إلى النهاية في دفاعه على كلمة الله، فوجد الشيطان نفسه أمام الرب بلا قوة ولم يستطيع أن يتقدّم خطوة واحدة، وانهزم في كل مرة، ففارقه مغلوبًا. والشيطان اليوم، كما بالأمس، يذهب مغلوبًا على أمره حين نواجهه بالإيمان بالمكتوب. ولا يستطيع الشيطان أن يمس مؤمنًا مُطيعًا للكلمة الإلهية مُعتمدًا على أقوال الله بكل قلبه.
** هي السبيل إلى قداستنا العملية: هكذا صلى الرب حين قدَّم خاصته إلى الآب قائلاً: «قدِّسهُم في حقِّك. كلامُك هو حقٌ» (يوحنا17: 17). ولقد تساءل المرنم: «بِمَ يُزكّي الشاب طريقه؟» والإجابة: «بحفظه إياه حسب كلامك» (مزمور119: 9). كما يقول أيضًا: «خبّأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك» (مزمور119: 11). فمن الكتاب المقدس وحده نتعلَّم مشيئة الله، وبتطبيق الكلمة بقوة الروح القدس ننفصل عن كل ما لا يتفق مع مشيئته، وبعد ذلك نتمم كل ما يرضيه. وبإستمرار هذا التدريب نزداد في القداسة العملية.
** إن تمتعنا بمحبة الله لنا، وإتيان الآب والابن ليصنعا عندنا منزلاً (إقامة وشركة دائمة) مشروطان بحفظ كلمته؛ كلمته المُعبِّرة عن فكره ومشيئته. «إن أحبَّني أحدٌ يحفظ كلامي ويُحبه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً» (يوحنا14: 23). وحفظ «كلمته» يقتضي البحث بعمق في الكلمة المكتوبة للكشف عن كنوزها، وأن نخبئها في القلب، ونملأ بها ذهننا النقي. مثل هذا العمل والاجتهاد فيه برهان محبتنا للمسيح «الذي لا يُحبني لا يحفظ كلامي» (يوحنا14: 24).
عزيزي... تُرى ما هو اختيارك: الكتاب المقدس أم محفظة النقود؟ فكِّر جيدًا لأن هذا الأمر يتعلق بمستقبلك الأبدي.