إن كان الإنسان بحسب الطبيعة قد فسد بسبب الخطية (رومية3: 12)، وأفسد طريقه أمام الله (تكوين6: 12)؛ لكن الله في غنى نعمته جهّز بركة جديدة هي العلاج الوحيد لهذا الفساد.
من مسمياتها:
الولادة من الله، الولادة الثانية، الولادة من فوق، الولادة الجديدة.
الاحتياج لها:
عن هذا الموضوع الهام يكلِّمنا الرب من خلال حديثه مع نيقوديموس (يوحنا3)، ذلك الشخص المرموق صاحب الامتيازات الكثيرة، فقد كان: من نسل إبراهيم (أفضل سلالة)، معلم إسرائيل (أفضل حالة)، يعرف عن المسيح أنه مُعلم وأتى من الله ويعمل آيات عظيمة وأن الله معه (أفضل علم)؛ ومع كل هذا نجده يُفاجأ أن الرب يكلِّمه عن حتمية الولادة من جديد.
ولنلاحظ دقة كلمات الرب لنيقوديموس «ينبغي (شيء حتمي) أن تولدوا (وليس تولد، أي للجميع وليس نيقوديموس فقط) من فوق». وهذا الأصحاح (يوحنا3) يبدأ بالقول «كان إنسان»، وهذا يكفي «لأنه ليس إنسان لا يخطئ» (1ملوك 8: 46) وأيضًا «أخطأ الجميع» (رومية5: 12). فالإنسان بحسب الطبيعة مولود بالخطية «بالإثم صوِّرت وبالخطية حبلت بي أمي» (مزمور51: 5)، «زاغ الأشرار من الرحم ضلّوا من البطن» (مزمور58: 3)، «كجحش الفرا (الحمار الوحشي) يولد الإنسان» (أيوب11: 12) أي أن طبيعته لا يمكن إصلاحها أو تهذيبها أو ترويضها. فعن الحالة لعامة للبشر يقول النبي إشعياء «قد صرنا كلنا كنجس» (إشعياء64: 6)، وعن استحالة تغيير إنسان يقول أيوب «من يخرج الطاهر من النجس؟ لا أحد!» (أيوب14: 4). لذلك فكان لا بد أن يتدخل الله، فيلد الإنسان ولادة جديدة.
كيف تتم الولادة:
لا يولد الإنسان ولادة جديدة لمجرد أن أهله من المسيحيين أو أن أبويه من المؤمنين الأتقياء، فكل شيء يورث ما عدا هذا الأمر فهو «ليس من دم». كما أن الولادة من الله ليست بالمحاولات الشخصية وممارسة الطقوس الدينية «ولا من مشيئة جسد». وليس في إمكان أي إنسان مهما علا شأنه أو مركزه الديني أن يتمم هذا الأمر لأحد «ولا من مشيئة رجل».
بل إن الولادة الجديدة تتم من الله رأسًا، إذ يجريها الروح القدس «المولود من الروح هو روح»، ويتم هذا عندما يسمع الإنسان كلمة الله فيستخدمها الروح القدس ويقوده للتجاوب معها، ومن ثم للإيمان بالمسيح. وهذا ما أشار له الرب «إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله». والمقصود بالماء هنا هو كلمة الله كما نفهم من القول: «مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية» (1بطرس1: 23)؛ وأيضًا «شاء فولدنا بكلمة الحق» (يعقوب1: 18؛ راجع أيضًا أفسس5: 26؛ 1كورنثوس1: 14 مع 4: 15). ونيقوديموس كمُعلم إسرائيل كان من المفروض أن يَعلم من العهد القديم أن الماء رمز لكلمة الله (راجع مثلاً مزمور1: 1-3؛ تثنية32: 2؛ أمثال25: 25؛ إشعياء55: 1-11).
دلائل الولادة:
سؤال يسأله الكثيرين، وخاصة حديثي الإيمان من الشباب: كيف أعرف أني مولود من الله؟
هناك علامات وأدلة كثيرة يجب أن لا تخلو الحياة منها، لأنه من الثمار تُعرف نوع الغرس، كقول الرب «من ثمارهم تعرفونهم»، كذا قول الحكيم «الولد أيضًا يُعرَف بأفعاله» (أمثال20: 11). وإليك بعض الأدلة:
* المولود من الله يكره الشر الذي كان يهواه سابقًا. يكره الخطية، ومع أنه مُعرَّض للسقوط أو الذلل فيها، لكنه لا يمكن أن يعيش فيها (اقرأ رومية 6: 2؛ 1يوحنا2: 1؛ 3: 9).
* المولود من الله يحب أمور الله التي كان يحتقرها سابقًا (مزمور 119: 42).
* المولود من الله تتسم حياته بفعل البر العملي لأنه ارتبط بالمسيح البار (1يوحنا 2: 29). * المولود من الله يُظهر المحبة في حياته، ليس كعاطفة بل محبة الله (1يوحنا4: 7).
* المولود من الله يصلي: كانت تلك هي أول علامة ظهرت في شاول بعد لقاء الرب «هوذا يصلي» (أعمال 9: 11).
* المولود من الله يحفظ وصايا الله، أي يتممها في حياته (1يوحنا 5: 1-3).
* المولود من الله يغلب العالم، كنظام وضعه الشيطان ليحفظنا بعيدًا عن الله، فلا ينخدع بمغريات هذا العالم (1يوحنا5: 4).
بركات الولادة:
المولود من الله له بركات كثيرة، فالله يحفظ نفسه والشرير لا يمسه (1يوحنا5: 18). وله رجاء حي (1بطرس1: 3). كما أن له روح التبني فيحق له أن يصرخ «يا أبا الآب» (غلاطية4: 5-6). كذلك فهو وارث (رومية8: 17)... الخ.