في اكتوبر 1789م أدت الثورة الفرنسية إلى أن يترك ملك فرنسا لويس الرابع عشر وزوجته الملكة ماري أنطوانيت قصر فرساي ليقيما في قصر تيوليري حسب أمر الثوار. وفي يونية 1791م تم تدبير خطة مُحكمة لهروب العائلة الملكية عبر حدود فرنسا والنجاة هناك، ولكن للأسف فشلت محاولة الهرب، بل وأدت إلى عواقب وخيمة. ترى لماذا فشلت محاولة الهرب؟ قد تضحك عندما تعرف السبب، ولكنه الواقع؛ لقد أصرّ الملك لويس والملكة انطوانيت على أن ترافقهم حاشية من عسكر الشرف تتناسب مع العظمة الملكية، وأرادوا أن يُقدَّم لهم الطعام في أطباق من ذهب وأن تكون كل آنية الطعام من الذهب والفضة، وأن يجرّ العربة التي سيهربون فيها على الاقل 12 حصانًا من النوع الملوكي غالي الثمن. كان هذا عكس الخطة المرسومة لهروبهما، وهي أن يهربا معًا على حصان واحد سريع. لكنهم أصرّوا على الهروب في الموكب الثقيل الواضح الذي يرضي غرورهما. ولهذا لم يكن من العجيب أن يتم إيقافهم على بعد 80 ميل من باريس ويُأمروا بالرجوع؛ ثم قُتلوا بالسيف؛ نتيجة لغرورهم وعدم تنازلهم عن الحاشية وأطباق الذهب.
صديقي.. صديقتي.. ألا تذكِّرنا هذه القصة الحقيقية بكثيرين فقدوا حياتهم هنا على الأرض وسيفقدونها إلى أبد الآبدين في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، نظير أمرأة لوط التي رغم أنها خرجت من سدوم بقدميها إلا أنها كانت في سدوم بقلبها. لقد كان الملاكان يُعَجِّلاَنِ لُوطًا قَائِلَيْنِ: «قُمْ خُذِ امرأتك وابنتيك الْمَوْجُودَتَيْنِ لِئَلا تَهْلَِكَ بِإِثْمِ الْمَدِينَة... وَنَظَرَتِ امرأته مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْح!» (تكوين19: 15-26). وقد قال الرب يسوع محذِّرًا ومذكِّرًا : «اُذْكُرُوا امرأة لُوطٍ!» (لوقا17: 32)، وهي مثال للمسيحي بالاسم الذي يخاطبه الرب قائلاً: «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا. هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي» (رؤيا3: 15).
ولوط زوجها، رغم أنه بار ومؤمن حقيقي، لكن التحذير كان له «اهرب لحياتك» (تكوين19: 17)، ورغم خروجه ولكنه خسر الكثير في سدوم التي ترمز للعالم وشهواته (رؤيا11: 8). وهذه بعض خسائر لوط:
- مشيئة الله: «فرفع لوط عينيه ورأي... فاختار لوط لنفسه» (تكوين13: 10،11، فارق مع رومية12: 1-2).
- شركة المؤمنين: «ونقل خيامه إلي سدوم. وكان أهل سدوم أشرارًا وخطاة لدى الرب جدًا» (تكوين13: 12).
- الحرية: إذ سباه كدرلعومر مع أملاكه ونسائه (تكوين14: 12،16؛ انظر يوحنا8: 34؛ عبرانيين2: 14-16).
- التمييز الروحي: سجد بوجهه للأرض للملاكين، وقال: «يا سيديَّ ميلا إلي بيت عبدكما» (تكوين19: 1،2)، عكس إبراهيم الذي برغم زيارة ثلاثة له (الرب وملاكين) إلا أنه وجَّه حديثه للرب فقط وقال «يا سيد» (تك18: 3).
- الشهادة والتأثير: «كان كمازح في أعين أصهاره» (تكوين19: 14).
- كل ممتلكاته: «ولما توانى، أمسك الرجلان بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه، لشفقة الرب عليه، وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة» (تكوين19: 16).
- زوجته: «ونظرت امرأته من ورائه (لاحظ ليس من ورائها) فصارت عمود ملح» (تكوين19: 26).
- الفرح والراحة: «أنقذ لوطًا البار مغلوبًا من سيرة الأردياء... يعذِّب يومًا فيومًا نفسه البارة بالأفعال الأثيمة» (2بطرس2: 7). إلا أن النعمة، والنعمة فقط، نجته من حريق سدوم، لأنه كان بارًا.
صديقي.. صديقتي.. أخاف أن تفقد حياتك، بل وأبديتك أيضًا، بسبب أطباق الفضة والذهب وشهوات سائر الأشياء، نظير الملك لويس الرابع عشر والملكة ماري أنطوانيت، وامرأة لوط، والملايين غيرهم عبر العصور. وأخاف أيضًا أن تكون مؤمنًا متعلِّقًا بالعالم والعالميات نظير لوط، فتخسر شهادتك والكثير. لهذا أدعوك الآن أن تصلّي
معي: صلاة: يا رب احمني من العالم والماديات.. وافصلني بصليب المسيح عن كل الأرضيات.. لأعيش دوامًا معك محلِّقًا في السماويات.. حتي تجيء وألقاك علي الهواء وهناك معك تتحقق لي كل الأمنيات.. آمين.