عن حكايته مع الألوان، وكيفية اكتشافه سحرها، قالوا عن أحد الفنانين التشكيليين: بأنه خربش قلبه بأظافره فكان اللون الأحمر، فرك يده في زهرة عباد الشمس وخلطها بعرق يده فكان اللون الأصفر، وضغط ضرع بقرة فكان اللون الأبيض.. وهكذا تعرّف على الألوان في الطبيعة. فقلت: وماذا عن الألوان في الكتاب المقدس. كتاب الله الموحى لا بالكمات فقط بل بالحروف، وأمامه يحلو لي وللألوف الوقوف، فَرُحتُ في رحابه أجولُ وأطوف، ومن ألوانه كانت لنا هذه القطوف.. فوجدت، أول ما وجدت الطُهر والنقاء في..
عيناه
«كالحمام… مغسولتان باللبن (سائل لونه أبيض)» (نشيد5: 12). فالمسيح، حبيبنا، أبيض في نظراته.. تأمله عندما قدّموا إليه إمرأة أُمسكت في ذات الفعل، كيف انحنى، وهو العلي، إلى أسفل، ولم ينظر إليها، حتى خرج جميع المشتكين عليها (يوحنا8: 1-11) إن عيناه «أطهر من أن تنظرا الشر، ولا تستطيع النظر إلى الجور» (حبقوق1: 13).
ومن يستطيع أن يسبر غور وعمق نظرته إلى بطرس حين أنكره (لوقا22: 61) والتي قال عنها المرنم:
النظرةُ التي بها
أذبت قلب بطرس
هي التي تقدر أن
تذيب قلبًا قد قسي
شفتاه
«سوسن (زهور رقيقة بيضاء)» (نشيد5: 13) إن المسيح حبيبنا أبيض كلماته… فيا لجاذبية نعمته «كان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه» (لوقا15: 1). لقد شهد عنه الأعداء قائلين «لم يتكلم قَطّ إنسان هكذا مثل هذا الإنسان» (يوحنا7: 46). وقال عنه بني قورح «انسكبت النعمة على شفتيك» (مزمور45: 2).
بطنهُ
«عاج أبيض» (نشيد5: 14). والبطن تكلِّمنا عن عواطف المسيح وأحشائه. جاءه مرة إنسان مسكين أبرص، لم يجد من يجالسه أو يحاكيه أو يلمسه، فتحنن عليه ولمسه، وطهّره من برصه (مرقس1: 40). بل وفي أحلك وأحرج المواقف، وهو مسمَّر على الصليب، عندما رأى القديسة المطوَّبة أمه مريم، تحركت أحشاؤه وقال ليوحنا «هوذا أمك». فكم أشفق وكم تحنن (متى9: 36؛ مرقس8: 2؛ لوقا10: 33؛ …).
يا حبيبي لم تنسني هناك بالرغم من آلامك
ساقاه
«عمودا رخام (أبيض نقي)» (نشيد5: 15). وفي الرخام نرى الثبات وعدم التزعزع في عالمٍ واهٍ متزعزع «كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك» (عبرانيين1: 8) «لذلك ونحن قابلون ملكوتًا لا يتزعزع ليكن عندنا شكر به نخدم الله خدمة مرضية بخشوع وتقوى» (عبرانيين12: 28).
ثيابه
«بيضاء كالنور» (متى17: 2). وهنا نرى برّ المسيح وطهارته وقداسته، فكما كان داخله كان خارجه أيضًا أبيض. شهد اللص عنه قائلاً «لم يفعل شيئًا ليس في محله» (لوقا23: 41)، بل «عمل كل شيء حسنًا» (مرقس7: 37).
شَعره
«أبيض» (رؤيا1: 14). والشعر الأبيض يكلّمنا عن أزليته.. فجلاله فائق، الذي «مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل» (ميخا5: 2) «ويسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد» (عبرانين13: 8).
عرشه
«عظيمًا أبيض» (رؤيا20: 11). وهذا يكلّمنا عن عدله وحقه في الحكم والقضاء والدينونة، قال عنه الملك يهوشافاط «ليس عند الرب إلهنا ظلمٌ ولا محاباةٌ ولا ارتشاءٌ» (2أخبار19: 7). ولكن شكرًا لله لأنه «لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع» (رومية8: 1).
هذا هو حبيبي وهذا هو خليلي.. فمن يا تُرى حبيبك وخليلك؟
(يتبع)