عندي لك أخبار طيبة.
(هكذا صاح الشاب ووجهه يعكس السرور وهو يبدأ حديثه مع صديقه الشيخ، الذي أجابه متهللاً: )
قُلّ لي يا عزيزي، فكلي شوق لسماع أخبارك الطيبة.
لقد أفلحت معي جدًا وصفتك عن الشهادة، ولقد أتاح الرب لي فرص طيبة جدًا للشهادة لأصدقائي عنه في الفترة الماضية، والنتائج كانت مُرضية لي.
عظيم!
لقد اجتهدت أن أُظهر عمليًا التغيير الذي أجراه الرب في حياتي. وقد كان ذلك مدخلاً لعدة مرات استطعت فيها أن أشهد عن الرب لأصدقائي.
إنها بداية مشجعة فعلاً.
بالفعل قد تشجعت كثيرًا.
لكن ما زال عندي بعض التساؤلات في هذا الصدد.
هات ما عندك يا صديق.
هل كل ما تحتويه شهادتي هو اختباري الشخصي للمسيح؟
بل إن غرض شهادتي الفعلي هو أن أوجِّه الناس إلى شخص المسيح، وما اختباري إلا واسطة لذلك. هل تتذكر تلك المرأة التي قابلها ربنا يسوع عند بئر سوخار في السامرة، والتي تجد قصتها في يوحنا 4؟
بكل تأكيد أذكر قصتها.
إذًا اقرأ ما فعلته بعد أن تغيّرت حياتها بمقابلة الرب.. اقرأ الأعداد28-30.
«فتركت المرأة جَرّتها ومضت إلى المدينة، وقالت للناس: هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت، أ لعل هذا هو المسيح؟ فخرجوا من المدينة وأتوا إليه».
واضح أن السامرية ما كانت تقصد أن توضّح للناس أن تغييرًا حدث في حياتها، رغم احتياجها الشديد لذلك، فقد كانت سيئة السمعة في وسط أهل السامرة.
بل إن شهادتها ركّزت على المسيح.
وهل لاحظت الكتاب يقول أنهم أتوا إلى من؟
أتوا إليه، أي إلى المسيح!
اقرأ لنا أيضًا الأعداد 39-42
«فآمن به من تلك المدينة كثيرون من السامريين بسبب كلام المرأة التي كانت تشهد أنه: قال لي كل ما فعلت. فلما جاء اليه السامريون سألوه أن يمكث عندهم. فمكث هناك يومين. فآمن به أكثر جدًا بسبب كلامه. وقالوا للمرأة: إننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن، لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلِّص العالم».
لقد كانت البداية أن كلامها أثّر فيهم فأتوا إلى يسوع، وقد كان هذا هو غرض شهادتها كما سبق واتفقنا. لكن لما جاؤا إليه تعلقوا به فطلبوا منه البقاء معهم. ولما سمعوا كلامه كان عدد الذين آمنوا به بسبب كلامه أكثر بكثير. وهكذا صارت النتيجة المرجوة أنهم جميعًا آمنوا بالرب نفسه.
إذًا لم تكسب السامرية لنفسها شيئًا من شهادتها!
بل ربما أنها خسرت؛ فقد تركت جرتها، ولا شك أنها كانت مهمة جدًا بالنسبة لها. فالشهادة قد تكلفنا التنازل عن بعض الأمور الهامة لنا. لكن يكفي السامرية شرفًا أن الإيمان بالمسيح قد دخل السامرة عن طريقها، وأن نفوسًا نجت من الهلاك بسبب شهادتها. ولهذا وذاك جزيل المكافأة أمام كرسي المسيح.
هذا يأتي بي إلى سؤال آخر: إن الشهادة لنفس تُربح المسيح أمر رائع، لكن ما بالك إذا شهدت عن المسيح لواحد ولم يقبل المسيح مخلِّصًا بل ظل في عناده؟
اسمع ما يقوله الرسول بولس «لأننا رائحة المسيح الذكية للّه؛ في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت، ولاولئك رائحة حياة لحياة» (2كورنثوس2: 15،16).
ما معنى هذا؟
معناه أن عليَّ كمؤمن أن أقوم، كرائحة المسيح الذكية، بواجبي في تقديم الشهادة للكل بكل اجتهاد، وألا أملّ أو أكلّ من ذلك. على أن النتيجة ليست هي عملي أنا. فهناك من سيقبل، وفي هذه الحالة سأكون بشهادتي هذه كرائحة حياة تؤدي به إلى الحياة في المسيح. أما إن استمر في عناده وبعاده عن المسيح، فذات الرائحة ستكون شهادة عليه، فلا تصير لديه حجة لرفضه المسيح، لكي يستد كل فم. اقرأ حزقيال 33 لتعرف دور كل مؤمن في أن يوصِّل شهادته للعالم الهالك.
إن هذا يثير تساؤلات أخرى عندي.
يبدو أن لديك الكثير في هذا الصدد، وأعتقد أن كلمة الله مليئة بالإجابات. لكن دعنا نكتفي بهذا القدر الآن. وكما اعتدت، خذ هذا الكلام وافحصه في محضر الله، واطلب منه أن يقودك لتكون شاهدًا أمينًا له. ومن جهتي، أعدك أن أظل ذاكرًا لك في صلاتي.