لماذا نفقد خطة الله في حياتنا؟
فهمنا فيما سبق أن الله قد رسم لكل منا طريقًا صالحًا كاملاً، ليضمن لنا السعادة والبركة والنجاح. وأعدّ لنا أعمالاً صالحة لكي نسلك فيها، ومن خلال ذلك يتحقق قصده ويتمجد فينا وبنا. وفهمنا أيضًا أن الله لا يغيّر خطته وإنما يغيّرنا نحن لكي نفهمهما ونتقبّلها ونعيشها يومًا فيومًا.
ولكن قد يحدث أحيانًا أن المؤمن يضل الطريق، وتنحرف خطواته عن المسار الصحيح الذي يريده الرب له، فيفقد خطة الله في حياته. وهذا قد يحدث جزئيًا في فترة معينة، طالت أو قصرت، ثم يرد الرب نفسه فيعود إلى المكان الأول الذي بدأ عنده الانحراف، ويستكمل السير في المسار الصحيح. أو قد يحدث كلّيًا فيفقد الخطة نهائيًا، ويسير في طريق آخر اختاره هو لنفسه، وأصرّ عليه بعناد، وفشلت معه كل المحاولات لاسترجاعه ورد نفسه؛ فيعيش كل حياته ليفعل إرادته الذاتية، ويحقِّق رغباته بالاستقلال عن الرب، ويأخذ قراراته دون أن يسأل الرب. وهكذا يعيش خاسرًا البركة التي قصدها له الرب والسعادة المرتبطة بالطاعة لمشيئته، ويحصد المرار نتيجة عناده. فليحفظنا الرب من ذلك، ولتكن كلماتنا مع المرنم:
والآن ما هي أسباب فقدان خطة الله في حياتنا؟
1- هجر وإهمال الشركة مع الرب والابتعاد عن محضره.
كان أبرام في بيت إيل حيث تمتع بظهور الرب له فبنى هناك مذبحًا (تكوين12) ونصب خميته ودعا باسم الرب. كان في المكان الصحيح وفي الوضع الصحيح، وهناك تمتَّع بالبركة والمواعيد، وكان شاهدًا ناجحًا للرب. ولكنه ترك بيت إيل وارتحل ارتحالاً متواليًا نحو الجنوب. وهو في ذلك صورة لمؤمن بدأ في الانحدار، وانقطعت شركته مع الرب، وما عاد يشعر بحضوره، وربما سمح لنفسه بتجاوز معين. وإذ عبرت الأمور بسلام، فقد تمادى في الارتحال بعيدًا عن خطة الله. لقد اختل اتزان أبرام، وعندما حدث جوع انحدر إلى مصر. صورة لمؤمن لجأ إلى العالم ليُشبع جوعه ويملأ فراغه، إذ لم يعُد الرب له كل الكفاية. لقد خسر أبرام خسائر عديدة في مصر، وطوال إقامته هناك كان بعيدًا عن خطة الله ومشيئته. ولكن الله تداخل بنعمته وردّ نفسه. فصعد من مصر وعاد إلى المكان الذي كانت خميته فيه في البداءة ودعا هناك باسم الرب (تكوين13). وتعلم درسًا، بين الأشواك، عن خطورة الابتعاد عن محضر الله، وإهمال الشركة اليومية معه، وخطورة الانجذاب وراء العالم مهما كان مغريًا.
والمؤسف أن أبا المؤمنين كرر الخطأ نفسه بعد 25 سنة، وعندما ترك حبرون، والتي تعني الشركة، وانحدر ليتغرب في جرار. وقال عن سارة هي أختي فأخذها أبيمالك ملك جرار (تكوين20). ولكن الرب تدخل لصالحه وأرجعها له بالنعمة. فما أطيب الرب وما أعظم نعمته التي ترد نفوسنا وترجعنا إلى المسار الصحيح. (يتبع).