ما لي أراك مهمومًا يا بُني؟!
لست مهمومًا، لكني أفكِّر في موضوع الشهادة الذي سبق وتكلمنا فيه.
يعجبني فيك الاستمرارية، فمتى بدأت أمر تكمله، وهذا من الفضائل التي تصنع النافعين.
لكن ما برأسي هذه المرة سلبي.
لا بأس، فمن الإجابة على السلبي قد نجد الإيجابي. هات ما عندك.
أنت تعلم أنني مشتاق للغاية أن أشهد للمسيح. وقد استفدت كثيرًا من ملاحظاتك السابقة، وهكذا أثمرت شهادتي بعض الشيء. لكن الأمر لم يستمر بالمعدل الذي كنت أتوقعه. إني أشعر بأن هناك ما يعطل شهادتي، وما يزيد همي أني لا أستطيع أن أحدد ما الذي يعطلني!
مبدئيًا لا بد أن تدرك أنه ليس من الغريب أن تجد معطلات لشهادتك. فلا بد وأنك تعلم أنك بشهادتك للمسيح فأنت تعمل ضد إبليس، وليس بغريب عندئذ أن تجد إبليس يجند قواه ضدك.
منطق سليم. لكن هل لك أن تفتح عيني عن بعض المعطلات لعلي أستطيع بنعمة الله أن أتخطاها؟
أعتقد أن أحد أهم هذه المعطلات هو "كلام الناس".
كيف ذلك؟
دعنا نرجع إلى إنجيل يوحنا4، حيث قصة السامرية التي سبق وتكلمنا فيها. تصوّر معي، أن السامرية فكّرت في ما يقوله الناس عنها، وسمحت للشيطان أن يزرع في رأسها شكوكًا من رد فعل الناس وما سيقولونه عن ما حدث معها وما تتكلم عنه، هل كانت ستذهب لتشهد عن المسيح؟
بالطبع لا.
ههكذا كل منا، إذا سمح للعدو أن يلعب في رأسه بأفكار مثل "ربما يهزأون بي" أو "قد يتهمونني بادعاء أني من القديسين" أو أشياء من مثل هذا القبيل. لا بد أن النتيجة ستكون تقاعس تجاه الشهادة.
وماذا أفعل إزاء أفكار مثل هذه؟
إن الشهادة للمسيح فخر لا يدانيه فخر. فخر السفير ببلاده حتى وإن لم يقدّره أهل البلد الذي هو متغرب فيها. وأرجو ألا تنسى أن الناس سخروا من شهادة الرب يسوع نفسه وهو هنا على الأرض، لكن ذلك لم يُثنِ عزمه. ولا شك أن المسيح هو قدوة كل مؤمن. كما أنني، كمؤمن، أبغي رضا الله وليس رضا الناس.
وماذا إذا لاموني بأنني أدّعي القداسة؟
اجتهد أن تكون أنت نفسك صريحًا مع نفسك، وافحص نفسك في محضر الله لكي ينقيك من كل ادعاءات، فتعيش صريحًا في الإيمان ويطمئن ضميرك إلى ذلك. وعندئذ لا تخف من تهمة مثل هذه، فحياة التقوى الحقيقية والقداسة العملية لها قوة خاصة في إقناع الناس وإن بدأوا بالرفض والمقاومة أولاً. فكن صادقًا وسيعطي الرب لشهادتك مصداقية وقوة خاصة.
وماذا أيضًا من معطلات الشهادة؟
الانشغال الزائد بأمور الحياة، كالدراسة والرياضة أو العمل.
وهل مثل هذه الأمور خطأ؟!
لا تكن متسرعًا كالعادة. أنا لم أقُل ذلك، ولكني قلت "الاهتمام الزائد". إن كلمة الله تعلمنا أننا ينبغي أن نهتم بمثل هذه الأمور ونؤديها على أفضل وجه. لكن إذا ملأت برنامج الحياة كلها، وأصبحت هي الغرض الوحيد للحياة فالطبيعي أن لا تدع وقتًا للشهادة.
وماذا أفعل لأتفادى هذا المعطل؟
أولا، اعطِ لكل جزئية في حياتك حجمها الطبيعي، فلا تزيد واحدة فتطغى على باقي جوانب حياتك. وتعلم دائمًا أن تعطي لقيصر ما لقيصر وليس أكثر منه أبدًا.
وماذا أيضًا؟
كن على استعداد للتضحية إن لزم الأمر. هل تتذكر ما قلناه عن السامرية في هذه الصدد المرة السابقة.
لقد تركت جرتها رغم غلاوتها عليها.
إذإذًا ابحث عن ما يمثل الجرّة بالنسبة لك. وكن على استعداد أن تضحي بعض الشيء، بوقتك أو راحتك، في سبيل أن تتمم ما تشتاق إليه.
هل من نصيحة أخرى في هذا الصدد؟
نعم.. أحسن استغلال وقتك بتنظيمه جيدًا. وليكن شعارك دائمًا: "الأهم فالمهم فالأقل أهمية".
هل من معطلات أخرى.
ييكفي ما قلناه الآن. وهيا إلى مخدعك، صلِّ إلى إلهك ليحررك من كلام الناس، وليعطيك قوة لتضحي من أجل أثمن ما يمكن أن يفعله إنسان أن يشهد لمحبة الرب يسوع المسيح.
صلِّ من أجلي إذًا.
أعدك بذلك.