حكى لي الدكتور/ بهاء صبحي هذه القصة الحقيقية، التي حدثت معه في صيف عام 1998، وهو يعمل كطبيب للأسرة في منطقة “إيست كوست” بكندا في “نوفا سكوتيا” في مدينة “نيو جلاسجو”، حيث كان يتردد على المستشفى مريض يدعى “فرانسيس” يبلغ من العمر حوالى 40 عامًا، وهو يعاني من مشاكل في الرئتين. وكان بعض الأطباء قد شخّصوا مرضه على أنه يعاني من الإلتهاب الرئوي، ولكن مع التحاليل والأشعات ثبت أنه يعاني من سرطان الرئة. وكان الدكتور بهاء يحدثه عن الرب يسوع المخلّص والطبيب العظيم، الذي لا يشفي فقط الجسد ولكنه يشفي أيضًا الروح، ويعطي غفران الخطايا، وهذا الأهم جدًا من شفاء الجسد. ووضع الرب في قلب د. بهاء أن يصلّي لأجله دائماً.
في أحد أيام نهاية الأسبوع كان صوت الروح القدس يتحدث بشدة في قلب د. بهاء ليصلّي لأجل فرانسيس. ولم يكن عجيبًا أن يأتي فرانسيس في أول أيام العمل في الأسبوع الجديد وبعد الكشف عليه أدرك الطبيب أنها المرة الأخيرة التي سيحجز فيها فرانسيس في المستشفى، فبعدما أنهى له أوراق دخول المستشفى ذهب إلى حجرة منفصلة مصليًا في أعماقه أن يتعامل الرب مع فرانسيس ويفتح قلبه، إذ كان قد تحدث معه مرات كثيرة قبل هذا ولم تكن هناك أي مظاهر للاستجابة.
كان لدى د. بهاء مجموعة كثيرة من النبذ المسيحية، ولكن كان صوت الروح القدس يشجعه أن يعطي فرانسيس نبذة بعينها كان عنوانها: “الملكة فيكتوريا تنقذ بدمها جندي”، وكانت القصة الحقيقية التي تحكيها هذه النبذة هي أن الملكة فيكتوريا - ملكة بريطانيا العظمى - كانت في زيارة لإحدى المستشفيات العسكرية، وعلمت أن جندي يموت بالمستشفى لأنه لا يجد دمًا من نفس فصيلة دمه النادرة، وإذ علمت أنها نفس فصيلة دمها، سريعًا أمرت الملكة الأطباء أن يأخذوا من دمها لإنقاذ الجندي الجريح، وفعلاً نجا الجندي الجريح بدماء الملكة. وكانت النبذة تتخذ الملكة فيكتوريا كمثال باهت لما فعله المسيح عندما سفك دمه لأجلنا كما هو مكتوب: «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ... بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ: دَمِ الْمَسِيحِ» (1بطرس1: 18،19).
ققدّم الطبيب النبذة لفرانسيس. صمَتَ فرانسيس وهو ينظر للنبذة بعمق، وكأنه يسترجع ذكريات الماضي السحيق، ثم انفجر فرانسيس في بكاء شديد ونوح، وكان الطبيب يقف أمامه مذهولاً وهو لا يدري سر ما يحدث. حاول الطبيب تهدئة فرانسيس، فقال فرانسيس والدموع تنهمر من عينيه: “آه.. إنها نفس النبذة” ومرة أخرى أجهش في البكاء، وأردف قائلاً: “ونحن أطفال كنا نأخذ هذه النبذة في مدارس الأحد لنوزِّعها على جيراننا وأصحابنا، ومنذ عدة سنوات دعاني صديق لي لسماع المبشر الشهير بلي جراهام، وهناك أعطاني أحدهم هذه النبذة عينها، لكني كنت غائص في شروري وفجوري فألقيتها في سلة المهملات، والآن طبيبي المعالج يعطيني نفس النبذة. آه إنه صوت الرب الرقيق لرجل شرير مثلي؛ فهل سيقبلني؟”
بعدما شجع بهاء فرانسيس، تركه ليستريح. وفي اليوم التالي لاحظ أن الفتاة التي كانت تعيش معه قد أحضرت له الكتاب المقدس في الحجرة، وفي اليوم الثالث كانت مفاجأة سارة للطبيب إذ وجد فرانسيس والفتاة يقرآن الإنجيل بصوت مرتفع. أما اليوم الرابع فكانت المفاجأة المذهلة إذ دعا فرانسيس والفتاة الدكتور بهاء ليحضر زفافهما الذي عقداه في نفس حجرة المستشفى. وفي اليوم الخامس كانت المفاجأة الأعظم إذ قالت العروس للدكتور بهاء وهو يوقِّع على شهادة وفاة زوجها: “إني متأكدة تمامًا أن فرانسيس الآن في السماء، لقد سمعته يقول: إني سعيد أنني ذاهب الآن لمقابلة الرب يسوع، وابتسم ثم سافر إلى السماء” وأردفت: “سأظل بأمانة أخدم المسيح الذي افتداني بدماه، وقد جعلني أتوب وغيّرني، حتى أقابله مع فرانسيس في الزفاف الأبدي السعيد”.
صديقي القاريء العزيز صديقتي القارئة العزيزة: هل تؤمن أن الله يستطيع أن يغيّر ويخلّص أشرّ الناس؟ لقد قال الرب يسوع للّص التائب الذي كان معلَّقًا بجواره على الصليب: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ” (لوقا23: 43)، «وبِالإِيمَانِ رَاحَابُ الزَّانِيَةُ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الْعُصَاةِ» (عبرانيين 11: 31). لقد خلّص الرب فرانسيس، وجعله يتوب مع من كان يعيش معها، وتلك قدرة دم المسيح إذ مكتوب: «الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ» (أفسس1: 7)، وأيضًا: «أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ» (أفسس2: 13). فهل تأتي الآن مصليًا؟!
صلاة: يا من أتيت لتخلِّص الفجَّار والأشرار.. خلّصني وطهّرني بدماك أيها البار.. أنا مريض بالخطية وهي أشر الأخطار.. اقبلني وغيّرني لأعيش عند صليبك باستمرار.. آمين.