يوحنا المعمدان

شخصيتنا في هذا العدد لا نحتاج أمامها أن نبحث كثيرًا عن بعض أوجه العظمة في حياتها أو أعمالها. في الشخصيات السابقة وقفنا عند إشارة المسيح لعظمته على الآخرين. أما الآن فسنقف أمام شخصية أشار المسيح بعظمتها على الآخرين.

ويكفيه فخرًا ما قاله عنه الرب يسوع «لم يَقُم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان» (متى11: 11). وشخصية المعمدان لها تقدير وإعجاب خاص من الكلِّ، لأنه حلقة الوصل بين العهدين القديم والجديد. فقد خَتَم الأول وافتتح الثاني. إنه شخصية لا تتكرر. ويكفيه شرفًا أنه السفير الذي نادى بشروق شمس البر.

متشابهات:

بدأً نقول إنه يوجد شيء من التقارب بين شخصية المعمدان والمسيح. فقد ولدا في وقت واحد تقريبًا (يفصل بينهما 6شهور)، ونشأ كل منهما في ظروف متشابهة، وعاشا فقيرين، وكانت خدمتهما وحياتهما قصيرة، وكلاهما مات في نصف أيامه على أيدي الأعداء، ودُفنا على أيدي تلاميذهما الأوفياء.
إلى هنا تقف المشابهة، ليتفرد المسيح عن أعظم المولودين من النساء في أمور كثيرة؛ سنأخذ منها ما قاله المعمدان عن المسيح.

مفارقات:

  1. يوحنا مُرسَل من السماء، ولا يأخذ شيء إن لم يكن قد أُعطي من السماء. أما المسيح فقد دفع الآب كل شيء في يده (يوحنا3: 27 ،35).
  2. يوحنا صديق العريس. أما المسيح فهو العريس (يوحنا3: 29).
  3. يوحنا ينقص. أما المسيح فيزيد (يوحنا3: 30).
  4. يوحنا أتى من تحت، من الأرض (مثل جميع البشر). أما المسيح فأتى من فوق من السماء، لذا فهو فوق الجميع (يوحنا3: 31).
  5. يوحنا واسطة للإيمان (يو1: 7). أما المسيح فهو غرض الإيمان (يوحنا1: 12).
  6. يوحنا لم يفعل آية واحدة. وأما المسيح فصنع آيات ومعجزات لو كُتبت واحدة واحدة لا يسع العالم الكتب المكتوبة (يوحنا21: 25).
  7. يوحنا لم يكن هو النور بل مُجرد سراج منير ابتهجوا بنوره ساعة واحدة. أما المسيح فهو النور الحقيقي وهو نور العالم (يوحنا8: 12) وهو شمس البر (ملاخي4: 2). ولا وجه للمقارنة بين نور السراج المُكتسَب والخافت الذي أضاء لفترة محدودة (6شهور) لجماعة محدودة وانطفأ فجأة عندما هوى سيف هيرودس على رأسه فأنهى حياته على الأرض؛ وبين المسيح مصدر النور الذي أضاء للكثيرين ولم ينطفئ عندما ضُرب بسيف الله العادل، بل بقيامته أشرق نوره لكل الساكنين في ظلال الموت في كل العالم. وما زال حتى الآن يريد أن ينير ظلمة حياتك، قارئي العزيز، إن أنت أقبلت إليه بالإيمان.

شهادات:

شهادته عن نفسه:

عندما سألوه: من أنت؟ أجاب: لست أنا المسيح ولا إيليا ولا النبي (يوحنا1: 19-23). لقد عرف محدوديته، ولم يُعرِّف نفسه بأي أسماء أو ألقاب. فلم

يقُل عن نفسه: “أنا هو... (أي شيء)”، بل “لست أنا... (كل شيء)” لم يطلب من الناس أن يأتوا إليه، أو أن يؤمنوا برسالته، مع أنه أعظم المولودين من النساء. والمرة الوحيدة التي أشار فيها إلى نفسه قال «أنا صوت» (والصوت لا يُرى ولا يشغل حيزًا من الزمان أو المكان).

شهادته عن الرب:

لقد شهد عن نفسه أنه لا شيء، قبل أن يرى المسيح؛ وبعد أن رآه شهد عن المسيح أنه كل شيء.

  1. شهد عنه أنه الرب «قَوِّمُوا طريق الرب» (يوحنا 1: 23).
  2. شهد عن كمال عمله «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يوحنا1: 29).
  3. شهد عن سموه عنه «هو الذي يأتي بعدي (بالميلاد)، الذي صار قدامي، الذي لست بمُستحق أن أحُلّ سيور حذائه» (يوحنا1: 27).
  4. شهد عن أزليته « لأنه كان قبلي» (يوحنا1: 30).
  5. شهد عن كماله وقداسته كالمقر الوحيد للروح القدس «وشهد يوحنا قائلاً: إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء، فاستقر عليه» (يوحنا1: 32).
  6. شهد عن تفوقه على الجميع «الذي يأتي من فوق هو فوق الجميع» (يوحنا3: 31).
  7. شهد عن نبوته «وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله» (يوحنا1: 34).

صديقي..

هل لا زلت مرتابًا؟

إلى متى تضع آخرين بجوار المسيح؟

وإلى متى تقارن بينه وبين غيره؟

ليتك تكف عن الإنسان مهما كان اسمه. لن يفيدك أحد ولن يخلِّصك سوى المسيح.