اعترفوا بعضكم لبعضٍ بالزلات
(يعقوب5: 16)
ربما نخطىء في حق بعضنا البعض، وجميل أننا نحتمل ونسامح بعضنا البعض، ولكن من هذه الآية نتعلم أن المخطىء في حق أخيه لا بد أن يعترف بالزلة له؛ حتى نعيش، كمؤمنين بالرب يسوع، معًا في جو من الصفاء والسلام والقداسة والمحبة المتبادلة.
وإذا أخطأ المؤمن أيّة خطية، فيجب أن يعترف بها للرب؛ فوجود خطية في حياة المؤمن غير معتَرَف بها تؤدي إلى تأديب الرب له «من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقرّ بها ويتركها يُرحم» (أمثال 28: 13)، وكذا فإن الخطية تقطع شركته مع الرب، ولكي تُرَد الشركة لا بد من الاعتراف بالخطية للرب، كما قال داود في مزمور 32: 5 «قلت: أعترف للرب بذنبي. وأنت رفعت آثام خطيتي»، وهكذا «إن اعترفنا بخطايانا، فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهّرنا من كل إثم» (1يوحنا 1: 9).
ولكن عندما يكون الخطأ في حق أحد إخوتنا، فلا بد أن نعترف أولاً للرب، ثم للأخ الذي أخطأنا في حقه، حتى ترد شركتنا أيضًا؛ هذا ما أكّده الرب نفسه بالقول «فإن قدّمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكّرت أن لأخيك شيئًا عليك، فاترك هناك قربانك قدّام المذبح، واذهب أولاً اصطلح مع أخيك؛ وحينئذ تعال وقدِّم قربانك» (متى5: 23،24).
فالخطايا التي ارتُكبت في حق الرب وحده يجب الاعتراف بها للرب وحده، أما التي أرتُكبت في حق شخص فتحتاج للاعتراف لهذا الشخص أيضًا. وينبغي أن نلاحظ أن الخطايا التي أرتُكبت سرًّا تحتاج للاعتراف السري، والخطايا التي أرتُكبت علنًا تحتاج للاعتراف العلني. ولا ينبغي أن نعترف بخطايانا في دائرة أبعد من دائرة تأثير خطايانا.
وتحضرني قصة أحد المؤمنين في إحدى قرى الصعيد، فقد أخطأ هذا الأخ في حق الإخوة وترك الاجتماع غاضبًا. ذهب إليه الإخوة عدّة مرات لعلاجه، ولكن دون فائدة إذ أصرّ على موقفه ورفض أن يعترف بزلته، واستمر منقطع الشركه عدة أسابيع. ومرة كان راجعًا من حقله الذي في جزيرة في النيل، وكان راكبًا المركب وحيدًا، وأهاج الرب مياه النيل فلم يستطع العودة إلى الشاطىء واستقر المركب بين الحلفاء طول الليل. كان الرب يتكلم إليه في هذا الوقت العصيب، وتذكّر أخطاءه مع الإخوة وقرّر أنه في الصباح لا بد أن يذهب فورًا ويعترف بخطئه. وعندما جاء الصباح، حصل على معونة من الرب، وعاد إلى بيته بسلام. ولكنه، للأسف، ترك الأمر ورفض الاعتراف بخطئه.
وبعد عدة أسابيع أخرى من هذه الحادثة، جُرح جرحًا بسيطًا في يده، فلم يهتم بالأمر، ولكنه أصيب بحمى شديدة، وفشلت المحاولات الطبية البسيطة لعلاجه، وساءت حالته الصحية، وارتفعت درجة حرارته جدًا، ونُقل إلى مستشفى الحميات. وبعد عمل الفحوص الطبيه والتحاليل اللازمة، أخبره الطبيب بهذا الخبر المؤلم: “أنت مصاب بحمى شوكية، وقد تنتهي حياتك أو تصاب بعاهة مستديمة” فتذكّر خطيته، وطلب من أقاربه أن يحضروا إليه الإخوة في المستشفى بأقصى سرعه ممكنة. فذهبوا إليه واعترف لهم بخطئه، وطلب الصلاة بلجاجة للرب حتى يرحمه ويشفيه. وقد صلّى الإخوة له واستجاب الرب وشُفي هذا الأخ دون حدوث أى عاهات، ورُدّت شركته مع الرب ومع المؤمنين، واختبر عمليًا أهمية القول المبارك «اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات»
أخي.. أختي.. هل أخطأت في حق واحد ولم تعترف له بهذا الخطأ؟ احذر تأديب الرب لك.. لا تكتم خطيتك ولا تؤجِّل الاعتراف بها. أرجو أن تذهب لأخيك؛ مصلّيًا، متضعًا، متشجِّعًا، واعترف له بما حدث، والرب الصالح سيقف بجوارك ويعطيك معونة خاصة في هذا الأمر.