ما أروع وأعجب منظر الطيور وهي تحلق برشاقة وتُشكِّل في طيرانها رقم 8، ويحتفظ كل طائر أثناء الطيران بمسافة ثابتة بينه وبين رفقائه!
وما أغرب المنظر وهم يغيّرون اتجاه السير معًا ويبلغون أقصى ارتفاع في تناغم عجيب كأنهم يدركون ما يفعلونه جيدًا!
وما أجمل المنظر وهم يحتفظون بثبات التشكيل! فهم بذلك يساعدون ويؤازرون بعضهم بعضًا، فكل خبطة جناح تعمل تيارًا يساعد الطائر الذي يليه ويوفر عليه نصف طاقته المبذولة تقريبً. لذا فإن الطيور التي تطير في هذا التشكيل تستطيع أن تطير لمسافة 40% أكثر من طيرانها منفردة.
ولنلاحظ إن الطائر الذي في المقدمة ليس له تيار يساعده على الطيران أو الصعود، لذا فإنه يتعب بسرعة فيتناوب هذا الموقع مع رفقائه. ويعمل السرب بروح الفريق للحفاظ على قوة كل طائر.
حقًا ما أجمل هذه الوحدة وهذا الانسجام وهذا الوئام!
ولكن أعظم وحدة في الوجود هي وحدة المؤمنين معًا، ومع الرب يسوع المسيح، فالمؤمنون: -
(1) أعضاء كثيرة لكن جسد واحد:
«لأنه كما أن الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة، وكل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هي جسد واحد، كذلك المسيح أيضًا» (1كورنثوس12: 12). فالجسد البشري مثال رائع للوحدة والتنوع، وهكذا رغم اختلاف المؤمنين في أشياء كثيرة لكنهم جسد واحد رأسه المسيح. ومن السخافة أن تشعر القدم أنها غير مهمة لأنها لا تقدر أن تعمل عمل اليد، فهي تستطيع أن تقف وتسير وتركض وتتسلق. وأيضًا الأذن يجب أن لا تكف عن عملها لأنها ليست عينًا، فلو كان كل الجسد عين لكان جسدًا غريب الشكل، يصلح فقط للوضع في معرض أو متحف. ولو كان الجسد آذانًا فقط لما كان له أنف ليكشف الغاز المتسرب. والله، في حكمته، وضع الأعضاء كل واحد منها في الجسد كما أراد.
فيا أيها العضو في جسد المسيح ثق أنه لا يوجد مفصل في جسد المسيح إلا ويتسم بطابع المؤازرة والمساعدة، وكل عضو مُصَمَّم تمامًا لمكانه الخاص ومُركَّب بتناغم تام مع الأعضاء الأخرى، ليشكِّلوا في النهاية جسمًا حيًا متكاملاً «الذي منه كل الجسد مُركَّبًا معًا، ومقترنًا بمؤازرة كل مفصل، حسب عمل، على قياس كل جزء، يُحصِّل نمو الجسد لبنيانه في المحبة» (أفسس4: 16).
(2) حجارة كثيرة لكن بناء واحد:
«الذي فيه كل البناء مُركَّبًا معًا، ينمو هيكلاً مقدسًا في الرب. الذي فيه أنتم أيضًا مبنيون معًا، مسكنًا لله في الروح» (أفسس2: 21 ،22). ولكل مؤمن مكان معيَّن في هذا البناء الرائع، فالحجارة التي تم استخراجها من وادي الموت تشكِّل هذا البناء الذي ينمو، والذي هو أيضًا هيكلاً مقدَّسًا في الرب. فأولاً: هو مقدَّس لأن الروح القدس يسكن في هذا الهيكل «أمَـا تعلمـون أنكـم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟» (1كونثوس3: 16). ثانيًا: هو مقدَّس أي منفصل عن العالم ومكرَّس لله. وثالثًا: هو هيكل مقدس، فمنه يصعد السجود والتسبيح والعبادة.
(3) تلاميذ كثيرون ومعلم واحد:
«وأما أنتم فلم تتعلموا المسيح هكذا، إن كنتم قد سمعتموه وعُلِّمتُم فيه كما هو حق في يسوع» (أفسس4: 20 ،21).
فالمدرسة التي نتعلم فيها هي المسيح، والمعلِّم الذي يعلِّمنا هو المسيح، والدرس الذي يجب أن نتعلمه كل يوم هو المسيح، ووسيلة الإيضاح التي عليها يتم شرح الدرس هي المسيح، فالرب يسوع لا يعلِّم الحق فقط بل هو الحق نفسه.
والآن دعونا يسأل كل واحد نفسه هذه الأسئلة المهمة:
- إن كان الجميع يطلبون ما هو لأنفسهم لا ما هو ليسوع المسيح، لكن ماذا عني أنا؟
- هل أنا في المكان الصحيح أم إنني أشغل مكان غيري؟
- هل أقوم بدوري الصحيح كعضو في جسد المسيح؟
- هل أنا على استعداد أن أَنفِق وأُنفَق من أجل المسيح ومن أجل بقية أعضاء الجسد؟
- هل أنا على اتصال جيد بمن يسبقني ومن يتبعني حتى يستفيد الجميع؟
- هل أهتم فقط بما هو لنفسي أم بما لآخرين أيضًا؟
- هل أشكر الرب باستمرار على حكمته الفائقة في وضع أعضاء الجسد كل واحد في مكانه كما أراد هو؟
- هل أشكر الرب على الموهبة التي أعطاني إياها وأستخدمها بفرح لمجده ولبنيان الآخرين؟
- هل أعترض على خطة الله لحياتي؟
- هل أحسد مؤمنًا آخر على موهبته؟
- هل ازدري بموهبة المؤمنين الآخرين؟
- هل إذا تألم عضو في جسد المسيح أتألم أنا أيضًا؟
- هل إذا تم تكريم عضو من أعضاء الجسد أفرح أنا معه؟
- هل أحفظ وحدانية الروح بإظهار المحبة الحقيقية لكل أعضاء الجسد الواحد؟