في أحد أيام الأحاد، قام رجل بعملية سطو على أحد المحلات بمدينة لندن، كانت الشوارع هادئة، وغير مزدحمة بالمارة، ولكنه فوجئ برجال البوليس أمامه، فهرب. طارده رجال البوليس، فأخذ يركض ويركض، من شارع إلى شارع. وإذ أراد التخلص من تعقبهم له، وجد قاعة للصلاة، فدخل فيه. وما أن دخل إلى المكان حتى ألقى بنفسه على أحد المقاعد، وهو يلهث ملتقطًا أنفاسه بصعوبة. وإذا بالواعظ ينادي بأعلى صوته قائلاً: «أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب؟ إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحَي الصبح وسكنت في أقاصي البحر، فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك» (مزمور139: 7-10).
فقال اللص في نفسه وهو يرتجف: "لقد هربت من البوليس، لكن على ما يبدو، أنني لن أقدر أن أهرب من الله!".
وبكّته روح الله بشدة على فِعلته، وخطيته، بل وعلى كل حياته الشقية في البعد عن الله، فطلب المغفرة وصرخ من أعماقه «اللهم ارحمني أنا الخاطئ» (لوقا18: 13).
فتغير الحال معه تمامًا، وصار الجاني إنسانًا جديدًا ومحترمًا، وتم فيه المكتوب «لا يسرق السارق في ما بعد بل بالحري يتعب عاملاً الصالح بيديه ليكون له أن يعطي من له احتياج» (أفسس4: 28).
أما راحيل فسرقت أصنام أبيها الوثني، وهربت منه، ولم يكن يعقوب زوجها يعلم أن راحيل سرقتها، وبحيلة نسائية، أخفت المسروقات وخبأتها، ونسيت راحيل أن الرب «يعرف خَفِيّات القلب» (مزمور44: 21)، وكما قال موسى رجل الله: «آثامنا أمامك، خَفِيّاتنا في ضوء وجهك» (مزمور90: 8).
لكن ما أروع اللص التائب، فأمام محبة المسيح وغفرانه لصالبيه، أدرك اللص أن عند المسيح غفرانًا وصفحًا، حبًا وحنانًا، وآمن به ربٌ ومَلكٌ، لذلك قال ليسوع: «أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك» فقال له يسوع: «الحقَّ أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس» (لوقا23: 42 ،43). ومن أجمل التعليقات التي كُتبت في هذا الصدد هذا التعليق:
- «الحقّ أقول لك»: يا للتأكيد واليقين
- «إنك اليوم»: يا للسرعة
- «تكون معي»: يا للصحبة
- «في الفردوس»: يا للرفعة ..
ولازالت نعمة الله تقبل الخطاة وتغير اللصوص بل وإله كل نعمة على استعداد أن «يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويملّكهم كرسيّ المجد» (1صموئيل2: 8).