في إحدى الليالي شعر بالبرد، فأشعل النار فى كومة من الحطب، ووقف ينظر إليها؛ ثم ألقى بنفسه فيه. أسرع بعض المارة وتمكنوا من إنقاذه، بعد أن أصيب بإصابات بالغة، وحروق شديدة. وفي التحقيق قال الشاب:
بينما كنت أستدفئ، حملقت في ألسنة اللهب عندما ارتفعت، وأُعجِبت بمنظرها، وشعرت بقوة لا شعورية تدفعني أن ألقي بنفسي فيه.
وربما تتعجب عزيزي القارئ لهذه الحادثة الحقيقية، والتي نُشرت فى إحدى الجرائد اليومية، فتقول: هذا جنون؟ لكن، أليس هذا ما يُقدم على فعله الكثير من البشر منا، عندما تلمع في أعينهم ألسنة نار الخطية، في ثوبها الأحمر والصاخب، فتتوهج الشهوة، وإذا بقوة لا شعورية تدفعنا إليها، فنلقي بأنفسنا بين أحضانها، فلا نحصد منها سوى المرار والرماد؟!
لماذا خاب عيسو من نعمة الله؟ ولماذا كان مستبيحًا وزانيًا؟؟
أليس لأنه باع بكوريته عندما شدَّه منظر الطبيخ المتوهج وقال ليعقوب أخيه: «أطعمني من هذا الأحمر»ولم يكن الأحمر هذا سوى طبيخ عدس!! (تكوين 25: 29: 34؛ عبرانيين12: 15-17).
بل ولماذا قطع هيرودس رأس يوحنا المعمدان «أعظم المولودين من النساء»؟
أليس لأنه أُعجب بمنظر ابنة هيروديا ورقصها، في ليلة صاخبة حمراء، وأقسم أن يعطيها مهما طلبت حتى نصف المملكة (مرقس21: 6-29).
إن الخطية كالخمر في تأثيرها، لذلك جاء التحذير «لا تنظر إلى الخمر إذا احمرّت، حين تظهر حبابها في الكأس، وساغت مرقرقة. في الآخر تلسع كالحية وتلدغ كالأفعوان» (أمثال31: 23-32 )
فالخطية تبدأ بالفكر (النار)، ثم تحرك العواطف والمشاعر(الوقود)، ثم تجر الإرادة (الحريقة). لذلك يقول الحكيم: «لا يمل قلبك إلى طرقها، ولا تشرد في مسالكه. لأنها طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء. طرق الهاوية بيتها، هابطة إلى خدور الموت» (أمثال 25: 7-27).