هو عملية تقليب الأرض الزراعية لتجهيزها لاستقبال البذور. ويسمى أيضًا "فلاحة" (تكوين45: 6) و"شق الأرض" (إشعياء28: 24). وليتمم الحراث غرضه يستعمل المحراث، وهو الذي ما زال يُستعمل إلى الآن في بلاد كثيرة، وإن اختلفت أشكاله بعض الشيء. والمحراث، في أشهر صوره، عبارة عن آلة بسيطة تتكون من قطعة شجر عرضها يصل إلى مترين وقطرها قرابة 15 سم، مثبت بها عدة قطع حديدية حادة تُسمى أتلام؛ ويُجرّ المحراث غالبًا باستخدام الثيران (أيوب1: 14). ويتم الحرث بعد هطول الأمطار أول موسم الزراعة. والحرث مهمة شاقة، لذا يقول الحكيم «اَلْكَسْلاَنُ لاَ يَحْرُثُ بِسَبَبِ الشِّتَاءِ» فتكون النتيجة الحتمية «فَيَسْتَعْطِي فِي الْحَصَادِ وَلاَ يُعْطَى» (أمثال20: 4)؛ فلن تصلح زراعة ليس قبلها حرثًا! وفي المقابل فإنه «فِي حَرْثِ الْفُقَرَاءِ طَعَامٌ كَثِيرٌ وَيُوجَدُ هَالِكٌ مِنْ عَدَمِ الْحَقِّ» (أمثال13: 23). والتطبيق الروحي يعلّمنا أن نبذل الجهد في تحصيل كلمة الله (حتى وإن كنا فقراء في المواهب والمعرفة الروحية)؛ فذلك سينتج لنا الكثير من الفوائد الروحية، وإلا فسنجني المتاعب من عدم معرفة الحق الإلهي. وتبعية الرب تُشبَّه بالحرث، تتطلب التعب وترك كل شيء؛ فيوم جاء واحد قائلاً للرب: «أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ وَلَكِنِ ائْذَنْ لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ الَّذِينَ فِي بَيْتِي»، فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ» (لوقا9: 61 ، 62). فلنتسلح بنية التعب لمجد الله. هكذا كان أليشع بن شافاط (1ملوك19: 19) الذي نراه في أول مشهد له يحرث أرضه، لكن بمتابعة قصة حياته نراه يتعب لمجد الله ناسيًا كل شيء. على أن التعب في تبعية وخدمة الرب لا يذهب هباءً منثورًا، بل إن المبدأ الإلهي «يَجِبُ أَنَّ الْحَرَّاثَ الَّذِي يَتْعَبُ يَشْتَرِكُ هُوَ أَوَّلاً فِي الأَثْمَارِ» (2تيموثاوس 2: 6)، فمن يتعب من أجل السيد سيرتاح قلبه إذ يشارك في ثمر تعبه هنا على الأرض، ثم يسعد إلى الأبد بمكافأة الرب له. وقبل أن أختم لا أنسى أن أشير إلى نبوة على لسان ربنا المعبود إذ يقول «عَلَى ظَهْرِي حَرَثَ الْحُرَّاثُ. طَوَّلُوا أَتْلاَمَهُمْ» (مزمور129: 3). لقد جُلد الرب يسوع يومًا بمنتهى الوحشية، في بداية آلامه الكثيرة لأجلي ولأجلك، راضيًا احتمل الألم وحمل العار (إشعياء50: 6)؛ أ فلا يستحق أن نتعب من أجله؟!