صديقي.. مرة أخرى نلتقي قرب الصليب.. وأرجوا أن لا تمل من الوقوف المتكرر في أقدس بقعة على الأرض.. وأمام أعظم مشهد حدث تحت السماء.. قرب الصليب؛ لنرى ونتأمل فئة جديدة من القريبين من الصليب، ألا وهم:
حينئذ صُلب معه لصان واحد عن اليمين وواحد عن اليسار (متى27: 38)
فصرخوا بجملتهم قائلين: خذ هذا واطلق لنا باراباس... (لوقا23: 18- 19)
على تل الجلجثة نرى ثلاثة صلبان كانت مُعدة لثلاثة لصوص. لكن هل الساحة كانت تخلو من لصوص آخرين؟ بالطبع لا، بل كانت تمتلئ منهم: فهناك الفريسيين الذين سرقوا مركزًا وكرامة من الناس لم تكن لهم، وهناك الكهنة ورؤساء الدين الذين سرقوا أموال الآخرين بطُرق ملتوية يمسحوها في الدين، بل وجعلوا بيت الله مغارة لهم.. والآن لندع هؤلاء المتخفين، ونتأمل في اللصوص المعروفين.
الأول: اللص التائب
ويا لروعة النعمة التي تخلِّص لصـًا مذنـبًا مجـدِّفًا، في آخر لحظات حياته. ففي الوقت الذي لفظه المجتمع وحكم عليه بالصليب، تقبله السماء.. وبدل من أن تفتح الهاوية فاها لتبتلعه، تفتح السماء بابها لترحب به كباكورة عمل الصليب.. قد تسأل كيف لشخص لم يقم بأي عمل صالح في حياته، ولم يُصلِّ مرة واحدة، ولم يَصُم يومًا واحدًا؛ كيف لهذا أن ينال الخلاص؟
أقول لك لقد آمن بقلبه واعترف بفمه (رومية10: 9).
فلقد آمن
أن المسيح هو البار. لم يفعـل شـيئًا ليس فـي محله.
وأنّ الـمسيح هـو الـرب اذكرني يا رب.
وأن المسيح هو الملك متى جئت في ملكوتك.
واعترف
أنه خاطئ يستحق العقاب فبعدلٍ ننال استحقاق ما فعلنا.
فسمع
ما لا يخطر بباله اليوم تكون معي في الفردوس.
الثاني: لص مجدّف
كان المسيح إلى جواره، وها هو يسمعه يغفر لمن صلبوه، ويسمع الحوار بين زميله ورفيقه في الشر والسرقة وبين المسيح، ووعد الرب له بوجوده في الفردوس هذا اليوم. ولكن لم يطلب الخلاص، بل ما فكر فيه هو راحته الوقتية بدلاً من حياته الأبدية.. طلب راحة من آلام جسدية ناسيًا النار الآكلة والوقائد الأبدية.
الثالث: لص طليق
في الغالب كان باراباس أخطر اللصوص، وقد يكون هو زعيم العصابة، فأعدّوا له الصليب الأكبر والأوسط. لن تراه واقفًا هناك فلقد أراد بيلاطس أن يطلق الرب يسوع حرًا، وأراد إحراج اليهود فترك لهم الاختيار بين باراباس والمسيح، وقد كان يتوقع أن يختاروا المسيح؛ لكنه سمع ما يدل على مدى الكراهية التي في قلوبهم إذ طلبوا أن يطلق باراباس ويصلب يسوع.
صديقي: قبل أن نعود من الجلجثة أين أنت من الصليب؟ ومن أنت من هؤلاء؟
ثلاثة لصوص:
أحدهم انطلق على الأرض حرًا
والثاني صعد إلى النعيم
والثالث هبط إلى الجحيم
فإلى أي مكان أنت ذاهب؟