«معونتي من عند الرب صانع السماوات والأرض» (مزمور 121 : 2 )
آه أنا تعبت.. السكة صعبة.. الطريق مُمِل والحرب شديدة.. المعوقات كثيرة والتجارب مريرة.. نفسي حائرة فالاعداء من حولي جبابرة...
هذا هو حالنا حينما نواجه ظروف البرية بقوّتنا الشخصية وحكمتنا البشرية. ولكن على قدر ما يكون هناك صعوبات في الطريق فهناك أيضا المعونات الإلهية لكي نتغلب على هذه الصعوبات. لذلك أدعوك قارئي العزيز أن تعرف شيئًا عن معونات الطريق.
1- مصدر المعونة: الرب نفسه هو مصدر المعونة؛ فـ«معونتي من عند الرب» الذي يقول مشجِّعًا «لا أهملك ولا أتركك» فنقول واثقين: «الرب معين لي فلا أخاف. ماذا يصنع بي إنسان؟» (عبرانيين13 : 5،6). وما يشجعنا أن الرب يسوع في حياته كإنسان كامل على الأرض اختبر كل أنواع الألم لذا يقدر أن يعين المجرَّبين (عبرانيين2: 18).
2- قنوات المعونة: أوجد الرب قنوات إلهية من خلالها تصل الينا معونته منها:
- كلمة الله: قال المختبر في مزمور 119 : 173 «لتكن يدك لمعونتي لأنني اخترت وصاياك» فكلمة الله تعيننا إذ تنير لنا الطريق (مزمور119: 105)، وهي طعامنا في الطريق (إرميا15: 16) وهي سلاحنا في الطريق (أفسس6: 17).
- عرش النعمة: «فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونًا في حينه» (عبرانيين4: 16). وفي عرش النعمة حيث نصلي ونتضرع للرب، نطرح أثقالنا عند قدميه ونأخذ منه القوة لنواجه الصعوبات.
- المؤمنون: ولا سيما حينما يجتمعون معًا باسم الرب (مزمور118 : 7 ) فلقد دعانا الرب لنكون معًا وليشدِّد أحدنا الآخر، فلا تعش اخي المؤمن بمفردك.
- اختبارات الماضي: ولعلك تتذكر ما فعله صموئيل بعد ما أعطى الرب انتصارًا على الأعداء فلقد أخذ صموئيل حجرًا ونصبه ودعا اسمه «حجر المعونة» وقال «إلى هنا أعاننا الرب» (1صموئيل7: 12). لقد نصب هذا الحجر لكي يتذكر هو والشعب اختبارات معونة الرب لهم، فتكون لهم بالإيمان اختبارات في الحاضر والمستقبل.
3- لمَن المعونة؟ : لكي تصل إلينا المعونات الإلهية لا بد أن نشعر بالضعف في أنفسنا فنختبر ما قاله أيوب كيف «أعنتَ مَن لا قوة له وخلصت ذراعًا لا عِزّ لها» (أيوب26: 2). والمؤمن الذي يشعر بالضعف يقول له الرب، مشدِّدًا إياه «تكفيك نعمتي لأن قوّتي في الضعف تكمل» (2كورنثوس12: 9).
4- أمثلة لمؤمنين وصلت اليهم المعونة: نأخذ من كلمة الله ثلاثة أمثلة لمؤمنين كانوا ملوكًا، وبالرغم من ذلك شعر كل منهم أنه ضعيف، فلجأ إلى الرب، مصدر القوة والمعونة، وكانت النتائج عظيمة ومبهرة.
مثال 1- الملك آسا: أتى زارح الكوشي ليحاربه بجيش قوامه مليون جندي وبمركبات ثلاث مئه؛ فشعر آسا بضعفه وعجزه أمام هذا الجيش الكبير، لكنه لم يخُر، بل اتجّه بصلاته لمصدر المعونة وقال: «أيها الرب ليس فرقًا عندك أن تساعد الكثيرين ومن ليس لهم قوة؛ فساعدنا أيها الرب إلهنا لأننا عليك اتكلنا، وباسمك قدمنا على هذا الجيش». هل تعلم قارئي العزيز ما حدث؟ تقول كلمة الرب «فضرب الرب الكوشيين أمام آسا وأمام يهوذا، فهرب الكوشيون، وطردهم آسا والشعب الذي معه إلى جرار، وسقط من الكوشيين حتى لم يكن لهم حي لأنهم انكسروا أمام الرب وأمام جيشه» (اقرأ القصة في 2أخبار14: 8-15).
ثال 2- الملك يهوشافاط : اتحد ضده ثلاثة شعوب ليحاربوه، فخاف يهوشافاط وجعل وجهه ليطلب الرب، وقال في صلاته «ليس فينا قوة أمام هذا الجمهور الكثير الآتي علينا، ونحن لا نعلم ماذا نفعل، لكن نحوك أعيُننا». ولقد كانت النتائج مُبهرة، فلقد شجّعهم الرب قائلاً: «هكذا قال الرب لكم: لا تخافوا ولا ترتاعوا بسبب هذا الجمهور الكثير؛ لأن الحرب ليست لكم بل لله... ليس عليكم أن تحاربوا في هذه. قفوا اثبتوا وانظروا خلاص الرب معكم». ولقد أعطى الرب انتصارًا عظيمًا بدون حرب، إذ جعل الرب الأعداء يهلكون بعضهم البعض (اقرأ 2أخبار20).
مثال 3- الملك حزقيا: عندما أتي جيش سنحاريب ليحاربه، شعر حزقيا بالضعف في ذاته، ولما سمع بالغزو مزّق ثيابه وتغطى بمسح ودخل بيت الرب. وأرسل رسلاً إلى النبي إشعياء مستنجدًا «الأجنة قد دنت إلى المولد ولا قوة للولادة». لكن ما أروع الرب وما أعظم قوته، فلقد أرسل ملاك واحد وضرب من جيش أشور 185ألف. وليس ذلك فقط بل سنحاريب نفسه ملك أشور ضربه ابناه وهو ساجد في بيت نسروخ إلهه ومات (اقرأ 2ملوك19).
5- ميعاد المعونة: وللمعونة الإلهية ميعاد، محدد من قِبَل الرب، تصل فيه إلين. نعم إنه عونًا في حينه (عبرانيين4 : 16). سوف تأتي المعونة بتوقيت الرب، وليس بتوقيتنا نحن. قد تُغلق الابواب وتظنها لا تُفتح، وقد يظلم الليل ويطول وكأنه لا نهار، لكن يعينها الله عند إقبال الصبح (مزمور46: 5). وفترة إقبال الصبح هي الفترة التي تعقب أشد درجات ظلمة الليل، فحينما يضيق الأمر جدًا، وتفشل كل المحاولات الإنسانية، ونشعر بالضعف و الفشل في أنفسنا، يأتي الرب في الهزيع الرابع من الليل، ويقول «لا تخافوا» فلننتظر الرب لا الإنسان، ولتكن صلاتك معي: «أعطِنا عونًا في الضيق، فباطل هو خلاص الإنسان» (مزمور60: 11). آمين.